فمن حكمة لقمان في موعظته لابنه أنه حينما نهاه عن الشرك بالله قرن له ذلك بالدليل المقنع المؤكد، فقال له:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم} . ومن بدهيات العقول أن الظلم قبيح، وعاقبته وخيمة، ومن أدرك هذه الحقيقة اكتسب قناعة كافية، تجعله يخشى خشية كبيرة من الشرك بالله.
الدعوة بالموعظة الحسنة:
وأما الدعوة بالموعظة الحسنة فهي التربية التي تعتمد على وسائل التأثير الخطابي، المقرونة بالأساليب البيانية المختلفة، ذات الخصائص التي تمكن المربي من القبض على نواصي الأنفس، وتحريك العواطف والانفعالات الإنسانية، وتوجيهها إلى طريق الحق والخير والجمال.
ومن الأساليب البيانية فنون القصة، وروائع التصوير الفني، وطرق الكناية والاستعارة والتشبيه والمجاز، وضرب الأمثلة، إلى غير ذلك مما يعرفه مهرة البلغاء والبيانيين من أدباء وشعراء وباحثين.
ونصوص الدعوة الإسلامية في كتاب الله المجيد وسنة رسوله الكريم ذاخرة بروائع الأساليب البيانية المختلفة، التي تملك مشاعر المتدبرين، وتلين القلوب القاسية بقوة تأثيرها، فتجعلها طيعة للاستجابة إلى الحق، وتصرف عنها كثيرًا من عقد العناد والكبر والحسد وسائر انحرافات النفس والفكر، وذلك لأن الأنفس إذا استحسنت أو استعذبت شيئًا من الأشياء مالت إليه، وانجذبت نحوه، وانفعلت به انفعال مسرة، ومع الميل والمسرة يتولد الحب، وبالحب تنحل معظم العقد، وأهمها العقد التي تنشأ عن النفور والكراهية وعدم الإلف، ومتى انحلت العقد النفسية عاد الإنسان إلى فطرته الصافية التي تقبل الحق وتستجيب له، بل ربما استطاع المضللون صرف الإنسان عن الحق الصريح الذي يستمسك