وقد انكشف لنا بالبحث أن أسس الحضارة الإسلامية التزمت التزامًا تامًّا جانب الواقعية في أعمال الناس، ومناهج حياتهم، وقد تمثل ذلك -كما سبق- بالأمور الخمسة التالية:
الأمر الأول: التكليف ضمن حدود الطاقة الإنسانية.
الأمر الثاني: رفع المسئولية في أحوال النسيان والخطأ والإكراه التي لا يملك الإنسان دفعها.
الأمر الثالث: مراعاة مطالب الفكر والنفس والجسد الإنسانية، وعدم إهمالها، وذلك ضمن حدود طريق الخير.
الأمر الرابع: مراعاة واقع حال المجتمعات الإنسانية التي يتفاوت أفرادها في استعداداتهم وخصائصهم، وذلك في البيانات الإسلامية، وفي أساليب التربية، وفي الأعمال الجماعية، وفي تحديد مناهج السلوك، وفي أصول المحاسبة والجزاء.
الأمر الخامس: مراعاة واقع حال الضعف البشري، وواقع حال النفس الإنسانية المفطورة على حب المخالفة، والنزوع إلى الشذوذ والمغامرة بامتحان المسالك الوعرة، وذلك بفتح باب الغفران للإنسان، وتهيئة أفضل الوسائل ليتخلص من الإثم، وليلقي عن كاهله أثقال الأوزار.