مهما اشتدت عن حدود استطاعة النفس المكلفة، وأنه متى فقدت الاستطاعة ارتفع التكليف لا محالة.
ومن أجل ذلك فلكل نفس ما كسبت من خير، وليست تكسبه إلا ضمن حدود استطاعتها، وعلى كل نفس ما اكتسبت من إثم، وليست تكتسبه إلا ضمن حدود استطاعتها أيضًا، واستطاعتها أن لا تكتسبه.
فمن سقط من مكان عال على الإنسان فقتله، ولم يستطع وهو يهوي الانحراف عنه، فهو ملجأ لا مسئولية عليه عند الله؛ لأنه لم يكتسب إثمًا بعمله الناتج عن إرادته.
وتطبيقًا لهذه القاعدة الإسلامية العامة وجدنا تكاليف العبادات وغيرها مقرونة بتوافر شرط الاستطاعة.
وفيما يلي طائفة من النصوص على ذلك:
أ- قال الله تعالى في تكليف الناس الحج في سورة "آل عمران: ٣ مصحف/ ٨٩ نزول":
فجعل الله في هذا النص إلزام الناس بالحج مقرونًا بتوافر شرط الاستطاعة، والاستطاعة بالنسبة إلى هذه الفريضة ذات عنصرين: عنصر جسدي، وعنصر مالي، ويدخل في العنصر الجسدي قدرة الإنسان على حماية نفسه من مخاوف الطريق إذا كانت فيه مخاوف.
ب- وفي مجال النفقة يراعي الإسلام جانب الاستطاعة لدى تحديد مقدارها، ويوجه القضاء الشرعي لمراعاتها، لدى إصدار أحكامه المتعلقة بها، والتي تختلف باختلاف الأشخاص، والبيئات، والأعراف، والأزمنة.
ومن أجل ذلك لم يبين مقادير النفقة بحسب مستويات الناس، ولكنه أطلقها، مكتفيًا بالإرشاد العام إلى أن ذا السعة ينفق من سعته، وأما المقتر فينفق على مقدار استطاعته.