استحدث في العصور الحديثة من تسجيل الوقائع والأحداث بصورها وأصواتها عن طريق الآلات المصورة، والآلات المسجلة للصوت، وكل ذلك يجب أن يكون مصحوبًا بالتبصر العقلي، وبالتمحيص الكامل، والاحتياط التام، حتى يشهد العقل بنفي احتمال التزوير في الوثائق، والخطأ أو الكذب في الأخبار.
الخبر الذي يترجح صدقه:
وأما الخبر الذي يترجح في العقول صدقه فقد وضع الإسلام له منهجًا واضحًا؛ إذ نلاحظ أن الإسلام قد أقر الناس على أخبارهم فيما بينهم، شريطة توافر دلائل ترجيح الصدق فيها، ووضع لذلك منهجًا سديدًا لتحري الصدق في الأخبار، ونفي ما كان منها كذبًا واضحًا، أو مشكوكًا فيه، أو مشتبهًا بكذبه، واشترط للحكم بأرجحية صدق الخبر أن يتوافر في كل راوٍ له ثلاثة شروط:
الشرط الأول: العدالة، وهي ألا يعهد على الراوي الكذب أو المعصية الظاهرة.
الشرط الثاني: الأهلية الفكرية لتحمل الأخبار ونقلها كما حملت دون نسيان أو اضطراب.
الشرط الثالث: اتصال الراوي بمصدر الخبر أو بمن رواه له.
وهذه الشروط تستدعي الملاحظة الدقيقة لرواة الأخبار، والنظر في أحوالهم الفكرية والخلقية والسلوكية، للتأكد من أن أخبارهم صالحة للقبول وتستدعي النظر في صلتهم بمصادر الخبر أو بمن رواه لهم، وهنا تتسع مشكلة البحث العملي في تراجم الرجال، وتتبع أحوالهم، وتمحيصهم، لكشف الموثوقين الذين تقبل أخبارهم، وتمييز الضعفاء والوضاعين, وتحديد درجة كل منهم في القبول أو الرفض، ونحو ذلك من بحوث.