المسخرات للناس في الطبيعة، وذلك في قوله:{سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْض} وقوله: {سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْر} وقوله: {سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} .
وذكر طائفة من المسخرات التي دخلت فيها يد الصناعة الإنسانية في قوله:{وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} . وذلك لأن هذه المصنوعات ما كانت لتستطيع تأدية وظائفها لولا القوانين والسنن الدائمة التي طبع الله الأشياء عليها، وجعلها مسخرة لينتفع بها الإنسان.
في هذه النصوص ونظائرها نلمح مبلغ الدفع الإسلامي الشديد إلى العمل الصناعي والعمراني، والاختراع والابتكار.
والعمل الذي يرتبط به الإنتاج الصناعي والعمراني، والمستند إلى العلم وتحريض عوامل الاختراع والابتكار، هو الركن التطبيقي الذي لا يتم التقدم المادي الحاضري إلا به.
ولما كانت خطة الإسلام التي رسمها الله للناس محتوية على فسح مجالات التقدم المادي الحضاري الخير، الذي لا إثم فيه، ولا ضرر يكون منه، ولا شر يخالطه، كان من شأن النصوص الإسلامية أن تحمل دلالات قوية وصريحة تكشف هذه الخطة، وتوضحها للناس.
إن إعلان تسخير ما في السماوات وما في الأرض جميعًا للإنسان يتضمن بشكل قوي الدفع البالغ للعمل الصناعي، للانتفاع من هذه المسخرات؛ لأنه لا يستطاع الانتفاع بكل هذه المسخرات الكبرى ما لم تدخل فيها يد العمل، بالجني، أو بالاستنتاج، أو بالتعمير، أو بالتصنيع، أو بالتحليل والتركيب والجمع والتفريق، والاختبار والتجربة، والتخيل، والاستنباط، والاختراع والابتكار، ونحو ذلك.
ثم نجد في النصوص ما هو أكثر صراحة مما سبق.
١- أليس في قول الله لنوح عليه السلام فيما قصه علينا في سورة "هود: ١١ مصحف/ ٥٢ نزول":