للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولى: تهلكة الموت أو القرح في الدنيا.

الثانية: تهلكه العذاب الأليم في الآخرة.

ولا يدخل الدفاع عن المال أو العرض أو الأرض في هذا، فإنه دفاع مأذون به شرعًا، وإن لم يكن في مفهوم الإسلام جهادًا في سبيل الله، ما لم يتحقق فيه الركن الأساسي للجهاد في سبيل الله.

الأمر الثاني: مطلب يسعى إلى تحقيقه في الدنيا؛ إذ يقذف بنفسه إلى معترك الموت بإذن الله وطاعته، فيَقتل أو يُقتل، ألا وهو نشر دين الله، وإعلاء كلمته، والسعي لبناء الحضارة الإسلامية المجيدة.

وقد أوضح هذا الأمر الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، والرجل يقاتل لشجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل غضبًا، فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

الأمر الثالث: غاية قصوى يرجوها عند الله، ألا وهي نيل رضوانه، وبلوغ جنته، والظفر بما أعد الله من أجر عظيم للمجاهدين المقاتلين في سبيله.

وأما الظفر في الدنيا على الأعداء فهو أمر إن قضاه الله فتلك حُسْنَى عاجلة أكرم الله بها المؤمنين المجاهدين في سبيله، وإن لم يقضه الله فقد حقق المؤمنون غايتهم القصوى، وهي نيل رضوان الله وجنته، وتحصيل الأجر العظيم الذي أعده، ولذلك خاطب الله المؤمنين بقوله تعالى في سورة "النساء: ٤ مصحف/ ٩٢ نزول":

{وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} .

وهكذا تنحصر دوافع القتال في سبيل الله بالباعث الأسمى وهو الإيمان بالله والتصديق برسله، وبالمطلب العاجل وهو العمل على إعلاء كلمة الله ونشر دينه وبناء الحضارة الإسلامية المجيدة، وبالغاية القصوى وهي ابتغاء مرضاة الله، ونيل ثوابه الذي أعده للمحسنين.

وهذه الدوافع التي تحرك بناه الحضارة الإسلامية المجيدة إلى القتال حينما تلجئهم الضرورة إليه، هي على النقيض تمامًا من دوافع العدوان الذي يقوم به أعداء الإسلام، ومهدموا أركان حضارته وأبنية المجد العظيم التي يبنيها للناس.

<<  <   >  >>