للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج هذا الحديث أحمد وأبو داود وابن ماجه، وراويه الصحابي "زيد بن ثابت الأنصاري" على ما أخرجه النسائي.

وأخذ المسلمون في هذا المجال يضطلعون بجانب من المسئولية الحضارية التي ألقاها الإسلام على عاتق كل مسلم، وأدركها المسلمون الأولون بوعي سليم وعاطفة فعالة.

ولهذا حرص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلقف ما يستطيعون تلقفه من سنته، واهتموا بحفظه وروايته وتبليغه لمن وراءهم.

وقد كان حفظ العلم النبوي في صدورهم أكبر همهم، وتاج مجدهم، ومن أجل الأعمال المبرورة التي يطمعون في ثوابها عند ربهم، وكان هذا عند الكثير منهم مساويًا للجهاد بالقتال في سبيل الله، الذي كانوا يبذلون فيه أموالهم وأنفسهم.

٢- كتاب السنة النبوية في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم:

لم يأذن الرسول صلى الله عليه وسلم أول الأمر لعامة المسلمين بكتابة ما يسمعونه منه من أحاديث وبيانات، خشية اختلاط شيء منه بما كانوا يكتبون من القرآن الكريم؛ لأن المسلمين كانوا في بداية تحولهم من أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب إلا قليلًا، إلى أمة قارئة كاتبة تدون معارفها، وتأخذ طرقها ومسالكها صاعدة إلى العلم، ومترقية في معارج الحضارة المثلى.

لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اتخذ ثلاث خطط لحفظ سنته:

الخطة الأولى: أنه حمل أصحابه ومن يأخذ عنهم مسئولية حفظ أقواله وبياناته، ومسئولية تبليغها لمن وراءهم، كل منهم على مقدار استطاعته التي وهبه الله إياها.

وقد كان استعداد العرب لحفظ ما يسمعون من أقوال، وما يشاهدون من أحداث، استعدادًا عاليًا، بسبب صفاء فطرتهم، وجودة أذهانهم، واعتمادهم على ذاكراتهم، وفراغ أدمغتهم ما تزدحم به أدمغة سكان المدن الكبرى من ضجيج

<<  <   >  >>