ما اقترن بما يدل على أنه موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم يعلنون الحكم عليه بالوضع والسقوط، مع بيان السبب الذي استندوا إليه في كل ما يحكمون به.
وواكب هذا الاندفاع المنقطع النظير لجمع الحديث وحفظه ظاهرة حضارية متصلة به، ألا وهي ظاهرة تصنيف كتب الحديث، وكتب تراجم الرجال الرواة له، فظهرت خلال القرنين الثالث والرابع من التاريخ الهجري وما بعدهما مصنفات كثيرات، ذوات ميزات مختلفات، فمنها ما اقتصر على الصحاح، ومنها ما لم يقتصر عليها، ومنها ما كان الهدف منه جمع أحاديث في موضوع معين، ومنها المسانيد، والمسند هو ما تذكر فيه الأحاديث على أسماء الصحابة حسب سوابقهم في الإسلام، أو حسب أنسابهم، ومنها المختصرات، ومنها الجوامع الكبرى المرتبة على وفق حروف المعجم، إلى غير ذلك.
وهذه هي كنوز جهودهم الحضارية المشكورة تزخر بها مكتبة المسلمين، فيما هو مطبوع منها، وما هو مخطوط، وهي مئات المصنفات المراجع.
واستعرض فيما يلي ما هو مشهور منها:
١- كتاب "الموطأ" لإمام دار الهجرة "مالك بن أنس ٩٣-١٧٩هـ" أمير المؤمنين في الحديث، وقد استغرق في تأليفه لهذا الكتاب قرابة أربعين سنة، انتقاه واصطفاه من نحو مائة ألف حديث، وعرضه على سبعين فقيها من فقهاء المدينة.
٢- كتاب "الجامع الصحيح" للإمام "أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري ١٩٤-٢٥٦هـ" وقد ظل البخاري يعمل في جمعه ست عشرة سنة.
قال علماء الحديث: هذا الكتاب أصح الكتب بعد القرآن المجيد.
وللبخاري هذا مصنفات كثيرات:"منها التواريخ الثلاثة "الكبير والأوسط والأصغر" وكتاب "الأدب المفرد"، وكتاب "الضعفاء" وغيرها.