١٦- ووجه المسلمون عناية فائقة لعلم الفلك، وكانت البداية منذ عهد الخليفة "أبي جعفر المنصور" الخليفة العباسي الثاني، فقد كان شغوفًا بالمشتغلين بعلم الفلك، وشجع على ترجمة الكتب فيه إلى العربية، وشحذ همم الباحثين العلماء، وأغرق عليهم العطايا، وأحاطهم بالعناية والرعاية.
واقتدى بالمنصور في هذا الخلفاء الذين أتوا بعده.
ولم يقتصر علماء المسلمين على الترجمة، بل صححوا كثيرًا من أغلاط الكتب التي ترجموها، وأضافوا إلى الصحيح منها ما توصلوا إليه ببحوثهم الخاصة.
وألف المسلمون جداول "تسمى الأزياج" في حركات الكواكب.
وفي زمن "المأمون" ظهر علماء مسلمون كثيرون، ألفوا في علم الفلك، وعملوا أرصادًا وأزياجًا جليلة تقدم بها هذا العلم تقدمًا ارتقائيًّا مثيرًا للإعجاب، ولم يقفوا في علم الفلك عند حد النظريات، بل خرجوا إلى الرصد الفعلي والأعمال التجريبية.
١٧- ولعلماء المسلمين نظريات خاصة في البصريات وغيرها، وهي لا تزال معتمدة إلى وقتنا الحاضر، ومنها ما شرحه "ابن الهيثم" في كتابه "المناظر" وقد اكتشف بعض أخطاء السابقين في البصريات، وقدم وشرح ما رآه صوابًا، وأقرته عليه العلوم الفيزيائية التجريبية التي جاءت بعده بقرون.
١٨- والمسلمون أول من عرف أصول الرسم على سطح الكرة، وأثبت علماؤهم الفلكيون استدارة الأرض ودورانها على محورها.
والمسلمون قد ضبطوا حركة أوج الشمس، وتدخل فلكها في أفلاك أخرى.
وللمسلمين جداول دقيقة لبعض النجوم الثوابت.
وبلغ ولع المسلمين بعلم الفلك إلى درجة جعلت بعضهم يصنع في بيته هيئة السماء، فالناظر إليها تترآى له أخيلة النجوم والغيوم والبروق والرعود.