للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- واعتبر المسلمون الطب رسالة مقدسة يجب أن تكون بعيدة عن الهوى والمطامع والرغبة في تحصيل الأرباح والثروات.

نقل الطبيب المسلم "داود بن عمر الأنطاكي ٠٠٠-١٠٠٨هـ" في أوائل كتابه: "تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب" في الطب عن بعض شارحي العهد الذي كان يأخذه "أبقراط"١ على من يريد أن يزاول مهنة الطب من تلاميذه، يقول هذا الشارح الذي لم يذكر اسمه داود الأنطاكي.

"ويجب اختيار الطبيب حسن الهيئة، كامل الخلقة، صحيح البنية، نظيف الثياب، طبيب الرائحة، يسر من نظر إليه، وتقبل النفس على تناول الدواء من يديه، وأن يتقن بقلبه العلوم التي تتوقف الإصابة في العلاج عليها، وأن يكون متينًا في دينه، متمسكًا بشريعته، دائرًا معها حيث دارت، واقفًا عند حدود الله تعالى ورسوله، نسبته إلى الناس بالسوا، خلي القلب من الهوى، لا يقبل الارتشا، ولا يفعل حيث يشا، ليؤمن معه الخطأ، وتستريح إليه النفوس من العنا".

هذه هي مهنت الطب في مفهوم الأطباء المسلمين:

٤- ولم تكن أوروبا تعرف من الطب غير الشعوذة، وأضرحة القديسين والقديسات وأوثانهم، والتعاويذ والتمائم وأشباهها، وخزعبلات رجال الكنائس وتهويماتهم، حتى القرن الثاني عشر الميلادي، السادس الهجري، بينما كان الأطباء في العالم الإسلامي كثيرين، وذوي خطوة لدى الحكومات الإسلامية، ولدى الشعوب، وكانوا ذوي مهارات فائقات بالنسبة إلى أدوات عصورهم.

٥- واشتهر الأطباء المسلمون بطريقة الفحص السريري للمريض، وحبس نبضه، والنظر في حالة تنفسه، وفحص بوله، والنظر في لون جلده، والنظر إلى ملتحمة عينيه، وحالة جلده عن اللمس، وسؤال المريض عما يشكو منه، وعن


١ طبيب يوناني، أكبر الأطباء الأقدمين وأشهرهم "نحو ٤٦٠- ٣٧٧ق. م" كان قد وضع قسمًا يؤخذ على الطبيب إذا أراد أن يزاول مهنة الطب، بعد أن يؤذن له بمزاولتها.

<<  <   >  >>