وقد أسس هذه المدارس النظامية الوزير "أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي ٤٠٨-٤٨٥هـ" الذي لقب بلقب "نظام الملك" وبلقب "قوام الدين". فقد كان وزيرًا حازمًا عالي الهمة، أصله من نواحي "طوس" وقد تأدب بالآداب العربية، وسمع الحديث النبوي الشريف بكثرة، واشتغل بالأعمال السلطانية.
اتصل بالسلطان "ألب أرسلان" فاستوزره، فأحسن التدبير، وبقي في خدمته عشر سنين، ولما توفي "ألب أرسلان" خلفه ولده "ملك شاه" فصار الأمر كله للوزير "نظام الملك" أما السلطان "ملك شاه" فليس له إلا تخت الحكم والصيد.
وقد كان "نظام الملك" من حسنات الدهر، واستمر في عمله عشرين سنة، حتى اغتاله ديملي قرمطي من أتباع "الحسن بن الصباح" أحد أخباث القرامطة الكبار وقادتهم، على مقربة من نهاوند.
وكانت أيام "نظام الملك" أيام دولة العلم والعلماء، فقد وجه عنايته الفائقة، وهمته الصادقة، للتعليم ونشر العلم على مذهب أهل السنة، وبذل غاية وسعه في تأسيس المدارس التي عرفت بالمدارس النظامية نسبة إليه.
فقام بتأسيس هذه المدارس في "أصفهان" وهي تقع في وسط إيران، وفي "نيسابور" وهي تقع في شمال شرق إيران، وفي "البصرة" وفي "بغداد" وفي أقصى الروم.
وكانت هذه المدارس تقوم بالتعليم، وبالتربية على الفضائل الإسلامية الخلقية والسلوكية، وتقدم لطلاب العلم فيها السكن الداخلي، ووسائل العيش.
ومن أشهر هذه المدارس "المدرسة النظامية ببغداد" وقد افتتحها الخليفة العباسي "القائم بأمر الله" في حفل عظيم، وقد كنت هذه المدرسة ذات أوقاف كثيرة، وكان المدرسون فيها من كبار العلماء، أمثال "أبي حامد الغزالي" وقد تخرج منها علماء فضلاء كثيرون، وقد كانت وفقًا على أصحاب المذهب الشافعي فقط.