للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُسْهَمُ لِبَغْلٍ وَلَا رَاحِلَةٍ، وَلَا يُسْهَمُ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ (س) ، وَالْمَمْلُوكُ وَالصَّبِيُّ وَالْمُكَاتَبُ يُرْضَخُ لَهُمْ دُونَ سَهْمٍ إِذَا قَاتَلُوا، وَلِلْمَرْأَةِ إِنْ دَاوَتِ الْجَرْحَى، وَلِلذِّمِّيِّ إِنْ أَعَانَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ دَلَّهُمْ عَلَى عَوْرَاتِ الْكُفَّارِ وَالطَّرِيقِ؛

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ، وَقَالَا: لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» ؛ وَلِأَنَّ الْفَرَسَ يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَخْدِمُهُ فَصَارُوا ثَلَاثَةً. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى اسْتِحْقَاقَ الْفَرَسِ لِأَنَّهُ آلَةٌ كَالسِّلَاحِ تَرَكْنَاهُ بِالنَّصِّ وَالنُّصُوصُ مُخْتَلِفَةٌ، فَرَوِيَ أَنَّهُ أَعْطَى لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةً وَرُوِيَ سَهْمَيْنِ، وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنِ الْمِقْدَادِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَسْهَمَ لَهُ سَهْمًا وَلِفَرَسِهِ سَهْمًا» ؛ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ مَجْمَعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ غَنِيمَةُ خَيْبَرَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، كَانَتِ الْخَيْلُ ثَلَاثَمِائَةِ فَرَسٍ وَالرَّجَّالَةُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلرَّاجِلِ سَهْمًا وَلِفَرَسِهِ سَهْمًا» ، فَلَمَّا اخْتَلَفَتِ النُّصُوصُ، فَأَبُو حَنِيفَةَ أَثْبَتَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ وَحَمَلَ الْبَاقِي عَلَى الْأَصْلِ، وَلِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْفَارِسِ أَعْظَمُ مِنَ الْفَرَسِ أَلَا يَرَى أَنَّ الْفَارِسَ يُقَاتِلُ بِانْفِرَادِهِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلْفَرَسِ بِانْفِرَادِهِ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْفَرَسُ أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ الْبَهِيمَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ. وَقَدْ رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فْتَعَارَضَتِ رِوَايَتَاهُ فَكَانَ مَا وَافَقَ غَيْرَهُ أَوْلَى.

قَالَ: (وَلَا يُسْهِمُ لِبَغْلٍ وَلَا رَاحِلَةٍ) لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ فَصَارَ كَالرَّاجِلِ.

(وَلَا يُسْهِمُ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ) ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُسْهِمُ لِفَرَسَيْنِ لِمَا رُوِيَ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَسْهَمَ لِفَرَسَيْنِ» وَلِأَنَّ الْوَاحِدَ قَدْ يَعِيَا فَيَحْتَاجُ إِلَى الْآخَرِ، وَلَهُمَا مَا رُوِيَ: «أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ حَضَرَ خَيْبَرَ بِأَفْرَاسٍ فَلَمْ يُسْهِمُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ» وَلِأَنَّ الْقِتَالَ عَلَى فَرَسَيْنِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِالْوَاحِدِ فَصَارَ الثَّانِي كَالثَّالِثِ. وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ يَمْنَعُ الْإِسْهَامَ لِلْخَيْلِ إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا، وَالْعَتِيقُ مِنَ الْخَيْلِ وَالْمُقْرَفُ وَالْهَجِينُ وَالْبِرْذَوْنُ سَوَاءٌ، لِأَنَّ اسْمَ الْخَيْلِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْكُلِّ، وَلِأَنَّ الْعَتِيقَ إِنِ اخْتُصَّ بِزِيَادَةِ الْقُوَّةِ فِي الطَّلَبِ وَالْهَرَبِ، فَالْبِرْذَوْنِ اخْتَصَّ بِزِيَادَةِ الثَّبَاتِ عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ وَكَثْرَةِ الِانْعِطَافِ فَتَسَاوَيَا فِي الْمَنْفَعَةِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ.

قَالَ: (وَالْمَمْلُوكُ وَالصَّبِيُّ وَالْمُكَاتَبُ يُرْضَخُ لَهُمْ دُونَ سَهْمٍ إِذَا قَاتَلُوا، وَلِلْمَرْأَةِ إِنْ دَاوَتِ الْجَرْحَى، وَلِلذِّمِّيِّ إِنْ أَعَانَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ دَلَّهُمْ عَلَى عَوْرَاتِ الْكُفَّارِ وَالطَّرِيقِ) ؛ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْقِتَالُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ لَا يُسْهَمُ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>