وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحُكِمَ بِلَحَاقِهِ عَتَقَ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَحَلَّتِ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَيْهِ وَنُقِلَتْ أَكْسَابُهُ فِي الْإِسْلَامِ إِلَى وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَكْسَابُ الرِّدَّةِ فَيْءٌ (سم) ، وَتُقْضَى دُيُونُ الْإِسْلَامِ مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ، وَدُيُونُ الرِّدَّةِ مِنْ كَسْبِهَا (سم) ، فَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا فَمَا وَجَدَهُ فِي يَدِ وَارِثِهِ مِنْ مَالِهِ أَخَذَهُ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
عَمَّا نَشَأَ عَلَيْهِ وَأَلِفَهُ، وَلَهُ أَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَتَصَرُّفُهُ بِنَاءً عَلَيْهِ فَيُتَوَقَّفُ، وَإِبَاحَةُ مِلْكِهِ تُوجِبُ خَلَلًا فِي الْأَهْلِيَّةِ فَلِذَلِكَ تُوقَفُ تَصَرُّفَاتُهُ.
قَالَ: (وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحُكِمَ بِلَحَاقِهِ عَتَقَ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَحَلَّتِ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَيْهِ وَنُقِلَتْ أَكْسَابُهُ فِي الْإِسْلَامِ إِلَى وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَكْسَابُ الرِّدَّةِ فَيْءٌ) . اعْلَمْ أَنَّ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ يَصِيرُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَهُمْ أَمْوَاتٌ فِي حَقِّ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ وَعَدَمِ الْإِلْزَامِ كَمَا انْقَطَعَتْ عَنِ الْمَيِّتِ الْحَقِيقِيِّ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ اللَّحَاقُ إِلَّا بِالْقَضَاءِ لِاحْتِمَالِ الْعَوْدِ، وَلِأَنَّ انْقِطَاعَ الْحُقُوقِ بِاللَّحَاقِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَتَوَقَّفُ حُكْمُهُ عَلَى الْقَضَاءِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهَدَاتِ، فَإِذَا قُضِيَ بِهِ ثَبَتَ مَوْتُهُ الْحُكْمِيُّ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمَوْتِ وَهِيَ مَا ذَكَرْنَا كَالْمَوْتِ الْحَقِيقِيِّ، وَمُكَاتَبَهُ يُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ إِلَى وَرَثَتِهِ كَمَا إِذَا مَاتَ حَقِيقَةً. وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَكَسْبُ الْإِسْلَامِ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ هَكَذَا قَضَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَالِ الْمُسْتَوْرِدِ وَالْعِجْلِيِّ حِينَ قَتَلَهُ مُرْتَدًا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ، وَكَسْبُ الرِّدَّةِ فَيْءٌ.
وَقَالَا: لَهُمْ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ ثَابِتٌ عِنْدَهُمَا فِي الْكَسْبَيْنِ، وَيَسْتَنِدُ إِلَى مَا قَبْلَ الرِّدَّةِ حَتَّى يَكُونَ تَوْرِيثُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْمُسْلِمِ، لِأَنَّ الرِّدَّةَ سَبَبُ الْمَوْتِ.
وَلَهُ أَنَّ الِاسْتِنَادَ مُمْكِنٌ فِي كَسْبِ الْإِسْلَامِ لَا فِي كَسْبِ الرِّدَّةِ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَعْدَهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ إِسْنَادُهُ إِلَى مَا قَبْلَهَا وَلِأَنَّهُ كَسْبٌ مُبَاحُ الدَّمِ فَيَكُونُ فَيْئًا كَالْحَرْبِيِّ، ثُمَّ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ يُعْتَبَرُ وَرَثَتُهُ يَوْمَ ارْتَدَّ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْمَوْتِ، وَعَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ يَوْمَ الْمَوْتِ أَوِ اللَّحَاقِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِرْثِ وَالْقَضَاءِ لِتَقْرِيرِهِ لِقَطْعِ الِاحْتِمَالِ، وَفِي رِوَايَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ يَوْمَ الْقَضَاءِ، لِأَنَّ بِهِ يَتَقَرَّرُ الِاسْتِحْقَاقُ وَبِهِ يَصِيرُ اللَّحَاقُ مَوْتًا وَتَبْطُلُ وَصَايَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّ رِدَّتَهُ كَالرُّجُوعِ عَنْهُ. وَقَالَا: تَبْطُلَ وَصَايَاهُ فِي الْقُرَبِ لَا غَيْرَ.
قَالَ: (وَتُقْضَى دُيُونُ الْإِسْلَامِ مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ، وَدُيُونُ الرِّدَّةِ - مِنْ كَسْبِهَا) ، وَقَالَا: تُقْضَى دُيُونُهُ مِنَ الْكَسْبَيْنِ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِلْكُهُ عِنْدَهُمَا. وَلَهُ أَنَّهُ يَقْضِي كُلَّ دَيْنٍ مِمَّا اكْتَسَبَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِيَكُونَ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ.
قَالَ: (فَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا فَمَا وَجَدَهُ فِي يَدِ وَارِثِهِ مِنْ مَالِهِ أَخَذَهُ) لِأَنَّهُ إِذَا عَادَ مُسْلِمًا فَقَدْ عَادَ حَيًّا فَعَادَتِ الْحَاجَةُ، وَالْخِلَافَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute