للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ بَنَاهُ مَائِلًا ابْتِدَاءً فَسَقَطَ ضَمِنَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، وَيَضْمَنُ الرَاكِبُ مَا وَطِئَتِ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا، وَلَا يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ بِذَنَبِهَا أَوْ رِجْلِهَا،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مَا مَرَّ، فَإِذَا طُولِبَ بِتَفْرِيغِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يُفْرَغْ مَعَ الْإِمْكَانِ صَارَ مُتَعَدِّيًا وَقَبْلَ الطَّلَبِ لَمْ يَصِرْ مُتَعَدِّيًا ; لِأَنَّ الْمَيْلَ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَصَارَ كَثَوْبٍ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي حِجْرِهِ فَطَلَبَهُ صَاحِبُهُ بِالرَّدِّ، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ مَعَ الْإِمْكَانِ فَهَلَكَ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنِ اشْتَغَلَ بِهَدْمِهِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَبِ فَسَقَطَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدِ التَّعَدِّي مِنْ وَقْتِ الطَّلَبِ، وَلَوْ نَقَضَهُ فَعَثَرَ رَجُلٌ بِالنَّقْضِ ضَمِنَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ لَمْ يُطَالَبْ بِرَفْعِهِ ; لِأَنَّ الطَّرِيقَ صَارَ مَشْغُولًا بِتُرَابِهِ وَنَقْضِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ تَفْرِيغُهُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يُطَالَبْ بِرَفْعِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ، وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ خَرَجَ مِنْ ضَمَانِهِ، وَيُطَالَبُ الْمُشْتَرِي بِالْهَدْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ وِلَايَةُ هَدْمِ الْحَائِطِ، وَالْمُطَالَبَةُ إِنَّمَا تَصِحُّ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْهَدْمِ حَتَّى لَا تَصِحَّ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُوَدِّعِ، وَيَصِحُّ مُطَالَبَةُ الرَّاهِنِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ فِكَاكِ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْأُمُّ فِي حَائِطِ الصَّبِيِّ لِقِيَامِ وِلَايَتِهِمْ، وَالضَّمَانِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ ; لِأَنَّ فِعْلَ هَؤُلَاءِ كَفِعْلِهِ.

قَالَ: (وَإِنْ بَنَاهُ مَائِلًا ابْتِدَاءً فَسَقَطَ ضَمِنَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْبِنَاءِ فِي هَوَاءٍ مُشْتَرَكٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَيَضْمَنُ الرَّاكِبُ مَا وَطِئَتِ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا) .

اعْلَمْ أَنَّ رُكُوبَ الدَّابَّةِ وَسَيْرَهَا إِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ سَيْرِهَا وَحَرَكَاتِهَا إِلَّا الْوَطْءَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ فِي مِلْكِهِ، إِلَّا أَنَّ الْوَطْءَ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِهِ لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِثِقَلِهِ، وَلِهَذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْوَطْءِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَدْ مَرَّ، وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا جَنَتْ دَابَّتُهُ وَاقِفًا كَانَ أَوْ سَائِرًا وَطْئًا وَنَفْحًا وَكَدْمًا ; لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي السَّبَبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِيقَافُهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَا تَسْيِيرُهَا حَتَّى لَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا وَطِئَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ كَدَمَتْ أَوْ صَدَمَتْ أَوْ أَصَابَتْ بِرَأْسِهَا أَوْ خَبَطَتْ.

(وَلَا يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ بِذَنَبِهَا أَوْ رِجْلِهَا) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمُرُورَ فِي الطَّرِيقِ عَامٌّ مُبَاحٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ ; لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا فَكَانَ مُبَاحًا وَفِيهِ حَقُّ الْعَامَّةِ لِكَوْنِهِ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُمْ فَقَيَّدْنَاهُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ وَمُرَاعَاةً لِلْحَقَّيْنِ، وَالْوَطْءُ وَأَخَوَاتُهُ مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ بِمَرْأًى مِنْ عَيْنِهِ فَصَحَّ التَّقْيِيدُ فِيهَا، وَالنَّفْحَةُ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا حَالَةَ السَّيْرِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ خَلْفِهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّلَامَةِ، فَإِنْ أَوْقَفَهَا ضَمِنَ النَّفْحَةَ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>