للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ رَاثَتْ فِي الطَرِيقِ وَهِيَ تَسِيرُ أَوْ أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ لَا ضَمَانَ فِيمَا تَلِفَ بِهِ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا لِغَيْرِهِ ضَمِنَ، وَالْقَائِدُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا دُونَ رِجْلِهَا وَكَذَا السَّائِقُ، وَإِذَا وَطِئَتْ دَابَّةُ الرَاكِبِ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَنَخَسَهَا آخَرُ فَأَصَابَتْ رَجُلًا عَلَى الْفَوْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ، وَإِنِ اجْتَمَعَ السَائِقُ وَالْقَائِدُ أَوِ السَّائِقُ وَالرَّاكِبُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

بِأَنْ لَا تَقِفَ.

(وَإِنْ رَاثَتْ فِي الطَّرِيقِ وَهِيَ تَسِيرُ أَوْ أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ لَا ضَمَانَ فِيمَا تَلَفَ بِهِ) ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا حَالَةُ السَّيْرِ فَظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَوْقَفَهَا لِأَنَّ مِنَ الدَّوَابِّ مَنْ لَا يَرُوثُ حَتَّى يَقِفَ.

قَالَ: (وَإِنْ أَوْقَفَهَا لِغَيْرِهِ ضَمِنَ) ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ بِتَرْكِ الْإِيقَافِ، وَالرَّدِيفُ كَالرَّاكِبِ لِأَنَّ السَّيْرَ مُضَافٌ إِلَيْهِمَا، وَبَابُ الْمَسْجِدِ كَالطَّرِيقِ فِي الْإِيقَافِ، فَلَوْ جَعَلَ الْإِمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ مَوْضِعًا لِوُقُوفِ الدَّوَابِّ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَلَا ضَمَانَ فِيمَا حَدَثَ بَيْنَ الْوُقُوفِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ مِنْ وُقُوفِ الدَّابَّةِ فِي سُوقِ الدَّوَابِّ ; لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ، وَكَذَلِكَ الْفَلَاةُ وَطَرِيقُ مَكَّةَ إِذَا وَقَفَ فِي غَيْرِ الْمَحَجَّةِ ; لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِذْنِ. أَمَّا الْمَحَجَّةُ فَهِيَ كَالطَّرِيقِ.

قَالَ: (وَالْقَائِدُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ يَدَهَا دُونَ رِجْلِهَا، وَكَذَلِكَ السَّائِقُ) مَرْوِيُّ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ النَّفْحَةَ، أَمَّا الْقَائِدُ فَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنِ الْوَطْءِ دُونَ النَّفْحَةِ كَالرَّاكِبِ، وَأَمَّا السَّائِقُ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ مِنَ الْوَطْءِ أَيْضًا، وَأَمَّا النَّفْحَةُ قِيلَ: لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، إِذْ لَيْسَ عَلَى رِجْلِهَا مَا يَمْنَعُهَا مِنَ النَّفْحِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ لِأَنَّ النَّفْحَةَ تَبِينُ مِنْ عَيْنِهِ فَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ بِإِبْعَادِ النَّاسِ عَنْهَا وَالتَّحْذِيرِ، وَلَا كَذَلِكَ الْقَائِدُ، وَقَائِدُ الْقِطَارِ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَبْطَهُ وَصِيَانَتَهُ عَنِ الْوَطْءِ وَالصَّدْمَةِ.

قَالَ: (وَإِذَا وَطِئَتْ دَابَّةٌ الرَّاكِبَ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ) وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ.

قَالَ: (وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَنَخَسَهَا آخَرُ فَأَصَابَتْ رَجُلًا عَلَى الْفَوْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ) ; لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الدَّابَّةِ النَّفْحَةُ وَالْوَثْبَةُ عِنْدَ النَّخْسِ فَكَانَ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَالرَّاكِبُ مُضْطَرٌّ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَصِرْ سَيْرُهَا مُضَافًا إِلَيْهِ فَصَارَ النَّاخِسُ هُوَ الْمُسَبِّبُ، وَلَوْ سَقَطَ الرَّاكِبُ فَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ أَيْضًا لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ قَتَلَتِ الدَّابَّةُ النَّاخِسَ فَهُوَ هَدَرٌ كَحَافِرِ الْبِئْرِ إِذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ، وَلَوْ أَمَرَهُ الرَّاكِبُ بِالنَّخْسِ ضَمِنَ الرَّاكِبُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ أَمْرُهُ فَصَارَ الْفِعْلُ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَلَوْ نَفَرَتْ مِنْ حَجَرٍ وَضَعَهُ رَجُلٌ فِي الطَّرِيقِ، فَالْوَاضِعُ كَالنَّاخِسِ ضَامِنٌ لِأَنَّ الْوَضْعَ سَبَبٌ لِنُفُورِ الدَّابَّةِ أَوْ وَثْبَتِهَا كَالنَّخْسَةِ.

قَالَ: (وَإِنِ اجْتَمَعَ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ أَوِ السَّائِقُ وَالرَّاكِبُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا) ; لِأَنَّ أَحَدَهُمَا سَائِقٌ لِلْكُلِّ، وَالْآخَرُ قَائِدٌ لِلْكُلِّ بِحُكْمِ الِاتِّصَالِ، وَقِيلَ: الضَّمَانُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>