أن يكون الآذن مختارًا في حال صدور الإذن منه فلا يصح إذن المكره لأنه لا يعتد بقوله الذي أكره عليه (١).
الشرط الرابع:
أن يشتمل الإذن على إجازة فعل الجراحة، لأن ذلك هو المقصود من الإذن.
فلو اشتمل على إجازة غيرها كالعلاج بالدواء، أو إجازة مرحلة منها كمرحلة الفحص فإنه لا يعتبر موجبًا لإجازة فعل الجراحة.
وعلى هذا فإن اعتذار الطبيب الجراح بكون المريض طلب منه علاجه بالدواء وأن ذلك يتضمن الإذن بالجراحة يعتبر اعتذارًا مردودًا، لعدم اتحادهما لفظًا، ومعنى، فالتداوي بالدواء شيء، والتداوي بالجراحة شيء، والجراحة أخطر من الدواء في الغالب، ولذلك يحتاط لها الأطباء من ناحية خوفهم من المسئولية أكثر من احتياطهم للدواء، وإن كان كلاً منهما يتضمن المخاطر التي تهدد حياة المريض فلذلك لا يعتبر الإذن بالأخف ضررًا إذنًا بما هو أخطر منه وأشد.
(١) الأصل في عدم اعتبار قول المكره الذي أكده عليه قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} سورة النحل (١٦) آية ١٠٦. فقد دلت هذه الآية الكريمَة على أن من أكره على قول ما يوجب الكفر، وقلبه مطمئن بالإيمان أنه لا يعتبر كافراً، فاعتبرها العلماء -رحمهم الله- أصلاً في عدم مؤاخدة المكره بقوله الذي أكره عليه، لأنه إذا كان الإكراه موجبًا لسقوط المؤاخذة فيما هو من أصول الدين فإنه من باب أولى أن يكون مسقطًا لها فيما هو من فروعه. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١/ ١٨١، ١٨٢.