سلمنا فرضًا أن فيه انتهاكًا لحرمتها، لكن نقول تعارضت مفسدتان:
إحداهما: انتهاك حرمة الحامل الميتة بشق بطنها.
والثانية: انتهاك حرمة الجنين بتركه يموت داخل بطنها.
فوجب الترجيح بينهما، فوجدنا مفسدة الشق فيها ضرر بجزء من الجسد وهو البطن ووجدنا مفسدة ترك الجنين فيها ضرر بتلف النفس والروح، فعلمنا أن مفسدة شق بطن الحامل أخف إضافة إلى أنها تزول بالخياطة، بخلاف مفسدة موت الجنين فإنها أعظم ومما لا يمكن تداركه فوجب اعتبارها وتقديمها للقاعدة الشرعية التي تقول:"إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمها ضررًا بارتكاب أخفهما"(١).
ثالثًا: وأما استدلالهم بالعقل فيجاب عنه من وجهين:
(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ٨٩، الأشباه والنظائر للسيوطي ٨٧، شرح القواعد الفقهية للزرقاء ١٤٧. وقد أجاب الإمام ابن حزم الظاهري -رحمه الله- عن الاستدلال بهذا الحديث بأنه مقصور على الكسر أي أنه خارج عن موضع النزاع. المحلى ٥/ ١٦٦. وبعد كتابة ما سبق من الترجيح وجدت كلامًا للشيخ عبد الرحمن ابن سعدي -رحمه الله- في هذه المسألة خلص فيه إلى القول بجواز الشق وأجاب بنحو ما تقدم فقال رحمه الله: "ومما يدل على جواز شق البطن وإخراج الجنين الحي أنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد قدم أعلى المصلحتين وارتكب أهون المفسدتين، وذلك أن سلامة البطن من الشق مصلحة وسلامة الولد ووجوده حيًا مصلحة أكبر، وأيضًا فشق البطن مفسدة وترك المولود الحي يختنق في بطنها حتى يموت مفسدة أكبر، فصار الشق أهون المفسدتين، ثم نعود فنقول الشق في هذه الأوقات صار لا يعتبره الناس مثلة ولا مفسدة، فلم يبق شيء يعارض إخراجه بالكلية" اهـ. المختارات الجلية لابن سعدي ٣٢٠.