قال الإمام ابن العربي (١) -رحمه الله- بعد حكايته للقول بمنع إعادة الأذن المقطوعة:
"وهذا غلط، وقد جهل من خفي عليه أن ردها وعودها بصورتها لا يوجب عودها بحكمها، لأن النجاسة كانت فيها للانفصال، وقد عادت متصلة، وأحكام الشريعة ليست صفات للأعيان، وإنما هي أحكام تعود إلى قول الله سبحانه فيها وإخباره عنها" اهـ.
فبين -رحمه الله- أن إعادة الأذن المقطوعة لا يوجب الحكم بنجاستها، لأن النجاسة متعلقة بها حال الانفصال، وأما إذا عادت واتصلت فإنها ترجع إلى حكمها الأول من كونها طاهرة.
ولاشك في أن القول بجواز إعادتها هو الراجح لما يلي:
أولاً: أن فيه دفعًا للمشقة والحرج الموجود في حال فقد ذلك العضو المبتور، والشريعة الإسلامية راعت دفع الحرج والمشقة عن المكلفين.
ثانيًا: أن ما أبين من حي فهو كميتته، وميتة الآدمي طاهرة، فوجب أن يكون ذلك العضو الذي أبين طاهرًا، وإذا كان كذلك انتفى ما ذكروه من الحكم بنجاسته ومن ثم لم تلزم إبانتها ثانية.
ثالثًا: أن إيجاب قلع ذلك العضو بعد إعادته فيه ألم ومشقة، وقد
(١) هو الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله المعافري الأشبيلي، ولد -رحمه الله- بأشبيلية سنة ٤٦٨ هـ، وكان فقيهًا محدثًا أصوليًا أديبًا مؤرخًا، توفي -رحمه الله- بفاس سنة ٥٤٣ هـ وله مصنفات كثيرة منها: شرح الجامع الصحيح للترمذي، والمحصول في الأصول، غوامض النحويين. معجم المؤلفين عمر كحالة ١/ ٢٤٢، ٢٤٣.