وهذا الشرط محل نظر، فإن كان المراد منه أنه لا يحكم القاضي باعتبار النظرية أو الأسلوب من الأصول العلمية إلا بعد إجراء التسجيل العلمي لذلك الأسلوب قبل استخدامه كما يفهم من ظاهر الشرط فهو أمر مردود.
وذلك لأن العبرة بصدور النظرية والدراسة من الأهل، وشهادة المختصين بصلاحيتها، فهذان الأمران هما محور القضية من الناحية المهنية العلمية، أما إجراء التسجيل فهو أمر شكلي خارج عن جوهر القضية فلا يتوقف الحكم ببراءة الأطباء. ومساعديهم على وجوده ما دام قد تحقق الشرطان اللذان يثبتان صحة تلك النظرية وصلاحيتها للتطبيق.
وأما إن كان المراد بهذا الشرط الأحوال الخاصة التي لها علاقة بجوهر النظرية مثل أن تعتذر الجهات الطبية عن تسجيلها علميًا لظهور خلل فني يوجب ردها، فإنه حينئذ يعتبر شرطا لازمًا، ومن ثم فإنه يحرم شرعًا على الأطباء ومساعديهم اتباع أي نظرية اعتذرت الجهات العلمية عن تسجيلها، والاعتراف بها لأسباب فنية توجب ردها، وإذا قاموا بتطبيق مثل هذه النظريات، والدراسات المردودة، وحدث الضرر المتوقع منها، فإنهم يعتبرون آثمين شرعًا، وللقاضي أن يحكم بخروجهم عن الأصول العلمية المتبعة عند أهل الاختصاص، ومن ثم يلزمهم بضمان ما أتلفوه.
والمقصود أن الأصول العلمية ليست منحصرة في المواد، والقواعد الثابتة التي اشتهرت في حقبة معينة من الزمن، بل إنها تشتملها
(١) المسئولية الجنائية للأطباء. د. أسامة عبد الله قايد ١٦٠، ١٦١، نقلاً عن المصادر الأجنبية.