للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا ثبت اعتبار شهادة الأطباء بوجود الجراحة ولزوم الرجوع إليهم في ذلك فإنه يرد السؤال هل يشترط فيهم العدد أو تكفي شهادة الطبيب الواحد منهم؟.

والجواب: الذي يظهر أن شهادة الطبيب الواحد كافية في إثبات الحاجة إلى فعل الجراحة، ويشهد لذلك ما ثبت في الصحيح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى أبيٍّ طبيبًا فقطع منه عرقًا ثم كواه عليه" (١).

فهذا يدل دلالة واضحة على أن شهادة الطبيب الواحد تعتبر كافية في ثبوت الحاجة إلى فعل الجراحة الطبية، حيث لم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله الذي استند فيه إلى شهادته وحده، ولم يلزمه بشهادة طبيب آخر معه.

وقال الشيخ أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي -رحمه الله-: "أما إذا حل قلعها كأن صعب ألمها، وقال طبيب عدل، ولو عدل رواية فيما يظهر فيهما أنه يزول بالقلع فيجوز استئجار له ... واليد المتآكلة كالسن الوجعة" (٢) اهـ.

فنص -رحمه الله- على اعتبار شهادة الطبيب الواحد، إلا أنه قيده بوصف العدل، وهو وصف معتبر لقبول الشهادة شرعًا (٣)، والحكم


(١) تقدم تخريجه، وقال الإمام الشوكاني -رحمه الله- في شرح هذا الحديث: "استدل بذلك على أن الطبيب يداوي بما ترجح عنده" اهـ. نيل الأوطار للشوكاني ٨/ ٢٠٥.
(٢) فتح الجواد للهيثمي ١/ ٥٨٩. وقد أشار غيره إلى اعتبار شهادة الطبيب الواحد في التداوي بالمحرم. انظر فتح المعين لأبي السعود ٣/ ٤٠٩، الفتاوى الهندية ٥/ ٣٥٥.
(٣) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} سورة الحجرات (٤٩) آية ٦. وقد أجمع أهل العلم -رحمهم الله- على اعتبار العدالة في الشاهد ورد =

<<  <   >  >>