بعد أن نشرت مقالة "الكلمة المؤمنة" في "البلاغ"، كتب الأديب الفلسطيني الأستاذ إسعاف النشاشيبي: إن هذه الكلمة مترجمة عن الفارسية، وقد نقلها الثعالبي في كتابه "الإيجاز والإعجاز"، فنشرنا في "البلاغ" هذا التعليق:
قال الأستاذ الكبير محمد إسعاف النشاشيبي في كلمته للبلاغ إن عبارة "القتل أنفى للقتل"، ليست بعربية ولا مولدة، بل هي مترجمة؛ أي فهي مطموسة الوجه من كونها أعجمية وقع الخطأ في نقلها إلى العربية، فكانت غلطة من جهتين.
وإنه ليسرني أن تكون فوق ذلك زنجية نقلت إلى المالطية، ثم ترجمت إلى العربية، فتكون غلطة من أربع جهات، لا من جهتين فقط ... ولكن هذه الكلمة لم يشر إلى أصلها غير "الثعالبي"، وهو مع ذلك لم يقطع فيها برأي، بل أشار إلى ترجمتها في صيغة من صيغ التمريض المعروفة عند الرواة فقال:"يحكى أن فيما ترجم عن أزدشير.." و"يحكى" هذه ليست نصًّا في باب الرواية، وقد يكون هذا الإمام اتقى الله فابتعد بالكلمة وطوح بها إلى ما وراء بلاد العرب، أو تكون الكلمة ألقيت إليه على أنها مشتبه في نسبتها؛ ولو كانت العبارة مترجمة لتناقلها الأئمة معزوة إلى قائلها أو لغتها التي قيلت فيها.
ولقد ذكرها العسكري في كتابه "الصناعتين" على أنها "من قولهم"، أي العرب أو المولدين؛ ونقلها الرازي في تفسيره، فقال: إن للعرب في هذا المعنى كلمات منها "قتل البعض إحياء للجميع" وأحسنها "القتل أنفى للقتل"؛ وكذلك جاء بها ابن الأثير في كتاب "المثل السائر" ولم يعزها؛ وقال مفسر الأندلس أبو حيان في تفسيره: إنها تروى برواية أخرى وهي: "القتل أوقى للقتل"، وكل ذلك صريح في أن خبر الترجمة قد انفرد به الثعالبي.