لَعُوب حسنة الدَّلّ، مُفَاكهة مُدَاعبة، تحيي ليلها راقصة مغنية؛ حتى إذا اعتدل الليل ليمضي، وانتبه الفجر ليقبل, انكفأت إلى دارها فنَضَتْ وَشْيها، وخرجت من زينتها، وخلعت روحًا ولبست روحًا، وقالت: اللهم إليك، ولبيك اللهم لبيك. ثم ذهبت فتوضأت وأفاضت النور عليها، وقامت بين يدي ربها تصلي!
هي حسناء فاتنة، لو سطع نور القمر من شيء في الأرض لسطع من وجهها. وما تراها في يوم إلا ظهرت لك أحسن مما كانت، حتى لتظن أن الشمس تزيد وجهها في كل نهار شُعَاعة ساحرة، وأن كل فجر يترك لها في الصبح بريقًا ونضرة من قطرات الندى.
وتحسب أن لها دمًا يطعم فيما يطعم أنوار الكواكب، ويشرب فيما يشرب نسمات الليل.
وإذا كانت في وشيها وتطاريفها وأصباغها وحلاها لم تجدها امرأة، ولكن جمرة في صورة امرأة؛ فلها نور وبَصِيص ولهب، وفيها طبيعة الإحراق. إن الذي وضع على كل جمال ساحر في الطبيعة خاتم رهبة، وضع على جمالها خاتم قرص الشمس.
فإن رأيتها بتلك الزينة في رقصها وتثنيها، قلت: هذه روضة مُفَتنَّة اشتهت أن تكون امرأة فكانت، وهذا الرقص هو فن النسيم على أعضائها.
وهي متى نفذت إلى البقعة المجدبة من نفسك أنشأتْ في نفسك الربيع ساعة أو بعض ساعة.
* انظر قصة هذه الراقصة وما كان من شأنها وشأنه في "عمله في الرسالة" من كتاب "حياة الرافعي".