قال صاحب القلب المسكين: ووقفت المحامية وكأنها بين الحراس تزدحم عليها من كل ناحية، وقد ظهرت للموجودين ظهور الجمال للحب، ونقلتهم في الزمن إلى مثل الساعة المصورة التي ينتظر فيها الأطفال سماع القصة العجيبة؛ ساعة فيها كل صور اللذة للقلب.
وكانت تدافع بكلامها ووجهها يدافع عن كلامها، فلو نطقت غيًا أو رشدًا فلهذا صواب ولهذا صواب، لأن أحد الصوابين منظور بالأعين.
كان صوت النائب العام كلامًا يسمع ويفهم: أما صوت المحامية الجميلة فكان يسمع ويفهم ويحس ويذاق، تلقيه هي من ناحية ما يدرك، وتتلقاه النفس من ناحية ما يعشق؛ فهو متصل بحقيقتين من معناه ومعناها، وهو كله حلاوة؛ لأنه من فمها الحلو.
وبدأت فتناولت من أشيائها مرآة صغيرة فنظرن فيها.
- النائب العام: ما هذا يا أستاذة؟
- المحامية: إنكم تزعمون أن هذه الجريمة تأليف عيني، فأنا أسأل عيني قبل أن أتكلم!
- النائب: نعم يا سيدتي، ولكني أرجو ألا تدخلي القضية في سر المرآة وأخواتها.. إن النيابة تخشى على اتهامها إذا تكحلت لغة الدفاع!
فضحكت المحامية ضحكة كانت أول البلاغة المؤثرة..
- النائب: من الوقار القانون أن تكون المحامية الفتانة غير فتانة ولا جذابة أمام المحكمة.
- المحامية: تريد أن تجعلها عجوزًا بأمر النيابة؟ "ضحك".
- النائب: جمال حسناء، في ظرف غانية، في شمائل راقصة، في حماسة عاشقة، في ذكاء محامية، في قدرة حب؛ هذا كثير!