قلت لها: إن كلمة الكفر لا تكون كافرة إذا أُكره عليها من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان، وكلمة الفجور أهون منها وأخف وزنًا وشأنا، ثم لا تكون إلا فاجرة أبدًا، إذ لا إكراه على هذه الدعارة إكراهًا لا خيار فيه. وما أول الدعارة إلا أن تمد المرأة طرفها من غير حياء، كما يمد اللص يده من غير أمانة.
ومن اضطُرّ إلى الكفر استطاع أن يخبأ محراب المسجد في أعماقه فيصلي ثمة، ولكن الفجور لا يترك في النفس موضعًا لدين ولا إيمان؛ إذ هو دائب في إثارة الغرائز الطبيعية الحيوانية المسترسلة بلا ضابط، فيجعل المرأة تحيا بعيدة عن ضميرها؛ فيُضعف منها أول ما يضعف آثار الآداب والأخلاق، فيهلك فيها أول ما يهلك إحساسها بمعنى المرأة الإنسانية وشعورها بمجد هذا المعنى.
فإذا انتهت المرأة إلى هذا، لم يكن لها مبدأ ولا عقيدة إلا أن على غيرها أن يتحمل عواقب أعمالها، وهذه بعينها هي حالة المجنون جنون عقله؛ أفلا تكون المرأة حينئذ مجنونة جنون جسمها؟
فساءها ذلك وبان فيها، ولكنها أمسكت على ما في نفسها؛ والمرأة من هؤلاء لا يمشي أمرها في الناس ولا يتصل عيشها، إلا إذا كثرت طباعها كثرة ثيابها، فهي تخلع وتلبس من هذه وتلك لكل يوم ولكل حالة ولكل رجل؛ فينبعث منها الغضب وهي في أنعم الرضى، كما ينبعث الرضى وهي في أشد الغيظ، كأن لم تغضب ولم ترض لأنها ليست لأحد ولا لنفسها.
وتُساير غضبها ثم قالت: كأن كلامك أن لك رجاء إلي، فأنا أحب, أحب أن أعلم.