أدب الكاتب لابن قتيبة من الدواوين الأربعة التي قال ابن خلدون فيها من كلامه على حد علم الأدب:"وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة دواوين: وهي "أدب الكاتب" لابن قتيبة، و "كتاب الكامل" للمبرد، و "كتاب البيان والتبيين" للجاحظ، وكتاب "النوادر" لأبي علي القالي البغدادي؛ وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع عنها".
وقد يظن أدباء عصرنا أن كلمة ابن خلدون هذه كانت تصلح لزمنه وقومه، وأنها تتوجه على طريقة من قبلهم في طبقة بعد طبقة إلى أصول هذه السلسلة التي يقولون فيها: حدثنا فلان عن فلان إلى الأصمعي أو أبي عبيدة أو أبي عمرو بن العلاء وغيرهم من شيوخ الرواية ونقلة اللغة. ولكنها لا تستقيم في آدابنا ولا تعد من آلائنا ولا تقع من معارفنا، بل يكاد يذهب من يتغرر منهم بالآراء الأوروبية التي يسميها علمه ... ومن يسترسل إلى التقليد الذي يسميه مذهبه.. إلى أن تلك الكتب وما جرى في طريقتها هي أموات من الكتب، وهي قبور من الأوراق، وأنه يجب أن يكون بيننا وبينها من الإهمال أكثر مما بينها وبيننا من الزمن، وأن بعث الكتاب منها وإحياءه يوشك أن يكون كبعث الموتى: علامة على خراب الدنيا..
فأما أن يكون ذلك علامة على خراب الدنيا، فهو صحيح إذا كانت الدنيا هي محرر جريدة.. من أمثال أصحابنا هؤلاء، وأما تلك الكتب فأنا أحسبها لم توضع إلا لزمننا هذا ولأدبائه وكتابه خاصة، وكأن القدر هو أثبت ذلك القول في مقدمة ابن خلدون لينتهي بنصه إلينا فنستخرج منه ما يقيمنا على الطريقة في هذا العصر الذي وقع أدباؤه في متسع طويل من فنون الأدب ومضطرب عريض من مذاهب الكتابة وأفق لا تستقر حدوده من العلوم والفلسفة ... فإن هذه المادة
١ كتب مقدمة لشرح الجواليقي على أدب الكاتب لابن قتيبة.