قال الشيخ: أرأيت الإنسان يكون سعيدًا بما يتوهم الناس أنه به غني سعيد، أم بشعوره هو وإن كان بعد فيما لا يتوهم الناس فيه الغنى والسعادة؟
قال: بل بشعوره.
قال الشيخ: أفلا توجد في الدنيا أشياء من النفس تكون فوق الدنيا وفوق الشهوات والمطامع؛ كالطفل عند أمه، كل ما تعلق به من شيء وُزن به هو لا بغيره، وكان الاعتبار عليه لا على سواه، أتعرف أمًّا ترضى أن يُذبح ابنها في حجرها لِقاء أن يُملأ حجرها ذهبًا وإن كانت فقيرة معدمة؟ قال: لا.
قال الشيخ: فإذا كانت النفس تشعر أكثر مما ترى؛ أفيذهب ما تراه فيما تشعر به، ويكون شعورها هو وحده الذي يلبس ما حولها ويصوره ويصرفه؟
قال: نعم.
قال الشيخ: أفتعرف أن لكل نفس قوية من هذا العالم الذي نعيش فيه عالمًا آخر هو عالم أفكارها، وإحساسها، وفيه وحده لذات إحساسها وأفكارها؟
قال: نعم.
قال الشيخ: أفرأيت المرأة إذا صح حبها أو فرحها أو عزمها، أرأيتها تكون إلا في عالم أفكارها؟ أرأيت كل ما يتصل برغبتها حينئذ يكون إلا من أشياء قلبها لا من أشياء الدنيا؟ أرأيتها لا تعيش في هذه الحالة إلا بالمعاملة مع قلبها الذي لا يأكل ولا يشرب ولا يلبس ولا يجمع المال ولا يريد إلا الشعور فقط؟
قال: نعم هو ذاك.
قال الشيخ: أرأيت إذا كان الإيمان قد وُلد ونشأ وترعرع في قلب المرأة، ألا يكون هو طفل قلبها؟
قال: نعم.
قال الشيخ: أرأيت إذا كانت الخمر عند مُدمنها شيئًا عظيمًا، وكانت ضرورة من ضرورات وجوده الضعيف المختل، فلا يستقيم وجوده ولا سفه وجوده إلا بها؛ أفيلزم من ذلك أن تكون الخمر من ضرورات صاحب الوجود القوي المنتظم؟
قال: لا.
قال الشيخ: أفموقن أنت لا بد من آخِر لأيام الإنسان ولياليه في هذه الدنيا, فينقطع به العيش؟