ورقت لها أرمانوسة، وكانت هي أيضًا تتعلق فتًى رومانيًّا، فسهرتا ليلة تديران الرأي في رسالة تحملها مارية من قبلها إلى عمرو كي تصل إليه، فإذا وصلت بلَّغت بعينيها رسالة نفسها.
واستقر الأمر أن تكون المسألة عن مارية القبطية وخبرها ونسلها وما يتعلق بها مما يطول الإخبار به إذا كان السؤال من امرأة عن امرأة. فلما أصبحتا وقع إليها أن عمرًا قد سار إلى الإسكندرية لقتال الروم، وشاع الخبر أنه لما أمر بفسطاطه أن يقوض أصابوا يمامة قد باضت في أعلاه، فأخبروه فقال: "قد تحرمت في جوارنا، أَقِروا الفسطاط حتى تطير فراخها" فأقروه!
ولم يمض غير طويل حتى قضت مارية نحبها، وحفظت عنها أرمانوسة هذا الشعر الذي أسمته نشيد اليمامة:
على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها.
تركها الأمير تصنع الحياة، وذهب هو يصنع الموت!
هي كأسعد امرأة؛ ترى وتلمس أحلامها.
إن سعادة المرأة أولها وآخرها بعض حقائق صغيرة كهذا البيض.
على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها.
لو سئلت عن هذا البيض لقالت: هذا كنزي.
هي كأهنأ امرأة، ملكت ملكها من الحياة ولم تفتقر.
هل أكلف الوجود شيئًا إذا كلفته رجلًا واحدًا أحبه!
على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها.
الشمس والقمر والنجوم، كلها أصغر في عينها من هذا البيض.
هي كأرق امرأة؛ عرفت الرقة مرتين: في الحب، والولادة.
هل أكلف الوجود شيئًا كثيرًا إذا أردت أن أكون كهذه اليمامة!
على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها.
تقول اليمامة: إن الوجود يحب أن يُرى بلونين في عين الأنثى؛
مرة حبيبًا كبيرًا في رَجُلها، ومرة حبيبًا صغيرًا في أولادها.