حركة ليس غير؛ فهو كالميزان أو القياس أو أي آلات الضبط؛ أما فتنة الحركة وسحرها ومعناها من المرأة الفاتنة في وهم الرجل المفتون بها؛ فهذا كله لا يكون منه شيء في أستاذ الرقص؛ وإن كان أستاذ الرقص.
إن أجمل امرأة تَبصُق بفمها على وجهها في المرآة، إذا محي الرجل من ذهنها، أو لم يطل بعينيه من وراء عينيها، أو لم تكن ممتلئة الحواس به، أو بإعجابه، أو بالرغبة في إعجابه؛ فمهما يكن من جمال هذه فإنها لا ترى وجهها حينئذ إلا كالدنيا إذا خلت من العدل.
قلتُ: ولكنا أُبعدنا عن "قصة هذه الحياة ما كان أولها؟ ".
قالت: سأفعل ذلك لموضعك عندي: إن قصتي في الفصل الأول منها هي قصة جمالي؛ وفي الفصل الثاني هي قصة مرض العذراء؛ وفي الفصل الثالث هي قصة الغفلة والتهاون في الحراسة؛ وفي الفصل الرابع هي قصة انخداع الطبيعة النسوية المبنية على الرقة وإيجاد الحب وتلقيه والرغبة في تنويعه أنواعًا للأهل والزوج والولد؛ ثم في الفصل الخامس هي قصة لؤم الرجل: كان محبًّا شريفًا يقسم بالله جهد أيمانه، فإذا هو كالمزوّر والمحتال واللص وأمثالهم ممن لا يُعرَفون إلا بعد وقوع الجريمة.
ثم سكتتْ هُنَيْهة، فكان سكوتها يتم كلامها.
وقال "ح": فما هو مرض العذراء الذي كان منه الفصل الثاني في الرواية؟
قالت: كل عذراء فهي مريضة إلى أن تتزوج؛ فيجب أن يُعْلِمها أهلها أن العلاج قد يكون مسمومًا؛ وينبغي أن يَحُوطوها بقريب من العناية التي يحاط المريض بها، فلا يُجعل ما حوله إلا ملائمًا له، ويُمنع أشياء وإن أحبها ورغب فيها، ويُكره على أشياء وإن عافها وصَدَف عنها.
قال "ح": فيكون القانون الاجتماعي تصديقًا للقانون الديني من أن الذكورة هي في نفسها عداوة للأنوثة، وأن كل رجل ليس ذا رَحِم مَحْرَم١ يجب أن يكون مرفوضًا إلا في الحالة الواحدة المشروعة، وهي الزواج.
قالت: فتكون المشكلة الاجتماعية هي: من ذا يُرغم الذكورة على هذه الحالة الواحدة المشروعة كيلا تضيع الأنوثة؟
١ يقال: ذو رحم محرم, أي: لا يحل للمرأة، كأبيها وأخيها ... إلخ.