الذين أولدوا النساء هؤلاء المنبوذين! يزعمون لأنفسهم الرجولة، فهذه هي رجولتهم بين أيدينا، هذه هي شهامتهم، هذه هي عقولهم، هذه هي آدابهم!
عجبًا، إن سيئات اللصوص والقَتَلة كلها يُنسى ويتلاشى، ولكن سيئات العشاق والمحبين تعيش وتكبر.
أكان ذنب المرأة أنها صادقة فصدَّقَتْ، وأنها مخلصة فأخلصت، وأنها رقيقة فلانت، وأنها محسنة فرحمت، وأنها سليمة القلب فانخدعت؟
وا كبدي للمسكينة! هل انخدعتْ إلا من ناحية الأمومة التي خُلقت لها؟ هل انخدعت إلا الأم التي فيها؟ وهل خدعها من ذلك اللئيم إلا الأب الذي فيه؟
وا كبدي لمن تُفجَع بالنكبة الواحدة ثلاث فجائع: في كرامتها التي ابتُذلت، وفي الحبيب الذي تبرأ منها، وفي طفلها الذي قطعته بيدها من قلبها وتركته لما كُتب عليه!
إن هذا لا يعوضه في الطبيعة إلا أن يكون لكل رجل من أولئك الأنذال ثلاث أرواح، فيُقتل ثلاث مرات: واحدة بالشنق، والثانية بالحرق، والثالثة بالرجم بالحجارة.
وكان اللقطاء قد تبعثروا على الساحل جماعات وشتّى، فوقف أحدهم على طفل صغير يلعب بما بين يديه، وأمه على كَثَب منه، وهي تتلهى بالمخرَّم تتلوى فيه أصابعها.
فنظر الطفل إلى اللقيط, وأومأ إلى جماعته ثم قال له: أأنتم جميعًا أولاد هاتين المرأتين أم إحداهما؟
قال اللقيط: هما المراقِبَتان؛ وأنت أفليست هذه التي معك مراقبة؟
قال الطفل: ما معنى مراقبة؟ هذه ماما!
قال الآخر: فما معنى ماما؟ هذه مراقبة.
قال الطفل: وكلكم أهل دار واحدة؟
قال: نحن في الملجأ، ومتى كبرنا أخذونا إلى دورنا.
فقال الطفل: وهل تبكي في الملجأ إذا أردت شيئًا ليعطوك؛ ثم تغضب إذا أعطوك ليزيدوك؟ وهل يسكتونك بالقرش والحلوى؟ والقُبْلة على هذا الخد وعلى