للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلبوا على الدنيا لما غلبوا في أنفسهم معنى الفقر، ومعنى الخوف، والمعنى الأرضي.

وعلمهم الدين كيف يعيشون باللذات السماوية التي وضعت في كل قلب عظمته وكبرياءه.

واخترعهم الإيمان اختراعا نفسيا، علامته المسجلة على كل منهم هذه الكلمة: لا يذل.

حين يكون الفقر قلة المال، يفتقر أكثر الناس، وتنخذل القوة الإنسانية، وتهلك المواهب.

ولكن حين يكون فقر العمل الطيب، يستطيع كل إنسان أن يغتني، وتنبعث القوة وتعمل كل موهبة.

وحين يكون الخوف من نقص هذه الحياة وآلامها، تفسر كلمة الخوف مائة رذيلة غير الخوف.

ولكن حين يكون نقص الحياة الآخرة وعذابها، تصبح الكلمة قانون الفضائل أجمع.

هكذا اخترع الدين إنسانه الكبير النفس الذي لا يقال فيه: انهزمت نفسه.

يا شباب العرب! كانت حكمة العرب التي يعملون عليها: اطلب الموت توهب لك الحياة.

والنفس إذا لم تخش الموت كانت غريزة الكفاح أول غرائزها تعمل.

وللكفاح غريزة تجعل الحياة كلها نصرا، إذ لا تكون الفكرة معها إلا فكرة مقاتلة.

غريزة الكفاح يا شباب، هي التي جعلت الأسد لا يسمن كما تسمن الشاة للذبح.

وغذا انكسرت يوما، فالحجر الصلد إذا ترضرضت منه قطعة كانت دليلا يكشف للعين أن جميعه حجر صلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>