للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلاف السنين بهذا الرمز: ألا معجزة من القوة تمط عضلات الحجر؟

ألا بسطة من العلم تجعلك أيها المصري وكأنك رأس لجسم الطبيعة؟ ألا فن جديد ترفع به أبا الهول في الجو فتزيده على قوة الوحش وذكاء الإنسان خفة الطير؟

أم تقولين للمصري: إن أجدادك يوصونك بهذا الرمز أن تكون كالظهر الأسدي لا يركب مطاه، وكالرأس الإنساني لا تقيد حريته، وكالربضة الجبلية لا تسهل إزاحتها، وكالإبهام المركب من غامضين لا يتيسر به عبث العابث، وكالصراحة المجتمعة من عنصر واحد لا يغلط في حقيقتها أحد؟

أم تقولين يا مصر: إن تفسير أبي الهول الأول أن النهضة المصرية إنما تكون يوم تخرج البلاد من يصنع أبا الهول الثاني؟

تمثال النهضة أم صفحة من الحجر قد صور الشعب فكره عليها، ودون فيها إحساسه بتاريخه، ووصف بها إدراكه حياة المعاني السامية؟

أم هو كتابة فصل من التاريخ بقلم الحياة وعلى طريقة من بلاغتها، خشيت عليه الفناء فدونته في أسلوب من أساليب البقاء الحجري الصلد؟

أم ذاك يوم من أيام الأمة أحاله الفن من زمن إلى مادة؛ ومن معنى إلى حس، ومن خبر إلى منظر، وكانوا يتكلمون عنه فجعله الفن يتكلم عن نفسه؟

أم هو تعبير عن تلك المعاني التي خلقتها نفوس هذا الجيل تخاطب به النفوس الآتية لتتمم عليها، وتضيف فيه إلى المعنى سر المعنى، وتضع الكلمة الإنسانية على لسان الطبيعة تتكلم بالتمثال كما تتكلم بالجيل؟

أم تركيب سياسي إذا فسرته اللغة كان معناه أن الثابت إذا احتاج إلى من يثبته ... فلن يمحوه من ينكره، وأن الظاهر إن احتاج إلى من يدل عليه ... فلن يخفيه من لا يراه؟

بل أراك لا هول فيك يا أبا الهول الجديد.

أفذاك من رقة داخلتك ورحمة جاءتك من مس يده المرأة؟

أم الهول اليوم قد أصبح في العقل والعاطفة ومد العين النسائية إلى بعيد؟

<<  <  ج: ص:  >  >>