للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-المحامية: هذا تعبير أكبر من قدرة قائله ومن منزلته ووظيفته، هذا تعبير جسور! يا حضرة النائب، من الذي لا يحمل شهودًا في لسانه ويديه ورجليه، بل ألف شاهد على ليلة واحدة.. يجب أن يكون مفهومًا بيننا يا حضرة النائب أن النون والباء في لفظة "نائب" غير النون والباء في لفظة "نبي".

-النائب: يا حضرات المستشارين، لا أرى مما يحرجني في الاتهام أن أصرح لكم أن مما حيرني في هذه الجريمة أن ليس فيها من أوصاف الجرائم إلا ثلم الكرامة، فلا قذف ولا سب ولا هتك عرض ولا فجور، ولا أصغر من ذلك، ولا كأس خمر للراقصة..

-المحامية: لا أرى أمام حضرة النائب كأس ماء، وسيجف حلقه في هذه القضية؛ فلعل المحكمة تأمر لي بكأس.. "ضحك".

-النائب: يا حضرات المستشارين، يعشق راقصة؛ اسم فاعل من رقص يرقص؛ امرأة لا تلبس ثيابًا، بل عريًا في شكل ثياب.. امرأة لا كالنساء، كذبها هو صدق من شفتيها؛ لماذا؟ لأنهما حمراوان رقيقتان عذبتان محبوبتان مطلوبتان..

المحامية: تضحك..

- النائب "بعد أن تتعتع": امرأة لا كالنساء، جعلتها الحرفة امرأة في العمل، ورجلًا في الكسب..

-المحامية: ولكنك لا تدري أي حمل سقطت* المسكينة، وقد يكون في الرذائل رذائل كبعض أصحاب الألقاب: ذات عظمة..

-النائب: يحب راقصة أي يضعها في عقله الباطن ويشتهيها؛ نعم يشتهيها، فمن عقله الباطن، وبتعبير اللغة، من واعيته -تخرج الجريمة أو على الأقل، فكرة الجريمة.

والصيت الأدبي يا حضرات المستشارين؟ هل من كرامة لمن يعشق راقصة؟ لا بل هل من كرامة في الحب؟ ألم يقولوا: إن كرامة الرجل تكون تحت قدمي المرأة المعشوقة كالممسحة الخشنة تمسح فيها نعليها!

الحب؟ ما هو الحب؟ إنه ليس فكرة، بل هو شيطان يتلبس لجسم العاشق؛ ليعمل أعماله بأداة حية، وهذا التركيب الحيواني للإنسان هو الذي يهيئ من الحب


* هذه الكلمة لفيكتور هيجو.

<<  <  ج: ص:  >  >>