اللفظ وتجويد الأسلوب وتصفية العبارة؛ فلقد ينفق الكاتب وقتًا في عمر الليل ليخرج من آخره سطرًا في نور الفجر، وبهذا الصنيع جاءت صفحات البؤساء على قلتها كشباب الهوى؛ لكل يوم منه فجره وشمسه، ولكل ليلة قمرها ونجومها.
والذي نغتمزه في هذه الترجمة أن الضجر يستبد أحيانًا بصاحبنا فيستكرهه على غير طبعه، ويرده إلى غير مألوفه؛ ومن ثم يضطرب ذوقه وسليقته أو يذهب به عنهما، فيعدل بالمعنى عن لفظه المعروف الذي استعمله الأدباء فيه، كاستعماله قارن بين كذا وكذا، وإنما يستعملون مثل بينهما، أو يخل بوزن الكلمة في ميزان الذوق، فترى العبارة اليابسة في الجملة الخضراء التي ترف؛ وذلك ما لا مطمع لأحد أن يسلم منه؛ لأنه أثر الضعف الإنساني فيمن ارتهنوا أنفسهم بملابسة القوة العليا في هذه الإنسانية.
ولم يتنزه عنه كتاب إلا ذلك الكتاب العزيز الذي اهتزت له السموات السبع والأرض ومن فيهن.