لقد أذكر أني رأيت في بعض مقالات الأستاذ طه حسين أو في بعض ما يقرظ به الكتب أنه قال: إن القديم قد أثبت دائمًا أنه أقوى وأمتن وأصح؛ فهل رجل عن هذا الرأي أم ظهر في الجديد ما هو أقوى وأمتن وأصح؟ ثم يا أيها الملأ أفتوني ما هو هذا الجديد؟ أهو ذاك الخيال الشارد المجنون، أم تلك الشهوات المتوثبة المتلهفة، أم ذلك الأسلوب الفج المتسوخم، أم العامية السقيمة الملحونة؛ أم هو في الحقيقة بين رغبة في النبوع قبل أن تتم الأداة وتستحكم الطريقة، كما هو شأن فريق من الكتاب، فيختصرون الطريق بكلمة واحدة هي المذهب الجديد - وبين غربة في التعصب للآداب الأجنبية كما هو شأن فريق آخر- وبين رغبة في الحط من قيمة بعض الناس ورميهم بالجهل والسخف وأنه لا قيمة لما يجيئون به، كل ذلك في تعبير علمي يصح أن يكون نظرية علمية ... وقبلهم قالها العرب في القرآن الكريم:{لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} فقد شاءوا فلم يقولوا؛ ولو أن المذهب الجديد فسر القرآن يومًا.. لقال في معنى أساطير الأولين إنهم أرادوا بهذا المذهب القديم ...
ويقول الدكتور طه: إن هناك قومًا ينصرون المذهب الجديد وليس لهم من اللغات الأجنبية وآدابها حظ، وحظهم من اللغة العربية وآدابها موفور؛ ثم طلب رأيي في هؤلاء وما أصل مذهبهم الجديد؛ فأقول: إني أعرف بعضهم، وأعرف أن أدمغتهم لا يشبهها شيء إلا جلود بعض الكتب التي ليس فيها إلا متن وشرح وحاشية: جلد ملفوف على ورق، وورق ينطوي على قواعد محفوظة، وهم أفقر الناس إلى الرأي؛ وهذه علة حبهم للأساليب الجديدة القائمة على الترجمة ونقل الآراء من الغرب إلى الشرق، وبالمعنى الصريح المكشوف: من الأدمغة المملوءة إلى الأدمغة الفارغة، وفيهم بعض أذكياء، ولكن ذكاءهم في حواسهم، فإن لم يكن هذا فليقولوا هم لماذا؟
ولو أنك سألت العنكبوت: ما هي الظبية الحوارء العيناء التي تطمعين فيها وتنصبين لها كل هذه الأشراك والحبائل؟ لقالت لك: مهلًا حتى تقع فتراها! فإذا وقعت رأيتها ثمة ورأيتها ذبابة..
ولكن ماذا يقول الدكتور في الأستاذ الإمام الكبير الشيخ محمد عبده؟ أكان