لأنها هي الأصل في التبعية، حتى إذا نزا الذئب على الشاة يضحى بالولد.
قال:"وإذا اشترى سبعة بقرة ليضحوا بها فمات أحدهم قبل النحر وقالت الورثة اذبحوها عنه وعنكم أجزأهم، وإن كان شريك الستة نصرانيا أو رجلا يريد اللحم لم يجز عن واحد منهم" ووجهه أن البقرة تجوز عن سبعة، ولكن من شرطه أن يكون قصد الكل القربة وإن اختلفت جهاتها كالأضحية والقران والمتعة عندنا لاتحاد المقصود وهو القربة، وقد وجد هذا الشرط في الوجه الأول لأن الضحية عن الغير عرفت قربة؛ ألا ترى أن النبي عليه الصلاة والسلام ضحى عن أمته على ما روينا من قبل، ولم يوجد في الوجه الثاني لأن النصراني ليس من أهلها، وكذا قصد اللحم ينافيها. وإذا لم يقع البعض قربة والإراقة لا تتجزأ في حق القربة لم يقع الكل أيضا فامتنع الجواز، وهذا الذي ذكره استحسان. والقياس أن لا يجوز وهو رواية عن أبي يوسف، لأنه تبرع بالإتلاف فلا يجوز عن غيره كالإعتاق عن الميت، لكنا نقول: القربة قد تقع عن الميت كالتصدق، بخلاف الإعتاق لأن فيه إلزام الولاء على الميت "فلو ذبحوها عن صغير في الورثة أو أم ولد جاز" لما بينا أنه قربة "ولو مات واحد منهم فذبحها الباقون بغير إذن الورثة لا تجزيهم" لأنه لم يقع بعضها قربة، وفيما تقدم وجد الإذن من الورثة فكان قربة.
قال:"ويأكل من لحم الأضحية ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر" لقوله عليه الصلاة والسلام: "كنت نهيتكم عن أكل لحوم الأضاحي فكلوا منها وادخروا" ومتى جاز أكله وهو غني جاز أن يؤكله غنيا.
قال:"ويستحب أن لا ينقص الصدقة عن الثلث" لأن الجهات ثلاثة: الأكل والادخار لما روينا، والإطعام لقوله تعالى:{وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}[الحج:٣٦] فانقسم عليهم أثلاثا.
قال:"ويتصدق بجلدها" لأنه جزء منها "أو يعمل منه آلة تستعمل في البيت" كالنطع والجراب والغربال ونحوها، لأن الانتفاع به غير محرم "ولا بأس بأن يشتري به ما ينتفع بعينه في البيت مع بقائه" استحسانا، وذلك مثل ما ذكرنا لأن للبدل حكم المبدل، "ولا يشتري به ما لا ينتفع به إلا بعد استهلاكه كالخل والأبازير" اعتبارا بالبيع بالدراهم. والمعنى فيه أنه تصرف على قصد التمول، واللحم بمنزلة الجلد في الصحيح، فلو باع الجلد أو اللحم بالدراهم أو بما لا ينتفع به إلا بعد استهلاكه تصدق بثمنه، لأن القربة انتقلت إلى بدله، وقوله عليه الصلاة والسلام:"من باع جلد أضحيته فلا أضحية له" يفيد كراهة البيع.