قال:"ولا يعطي أجرة الجزار من الأضحية" لقوله عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه: "تصدق بجلالها وخطامها ولا تعط أجر الجزار منها شيئا" والنهي عنه نهي عن البيع أيضا لأنه في معنى البيع.
قال:"ويكره أن يجز صوف أضحيته وينتفع به قبل أن يذبحها" لأنه التزم إقامة القربة بجميع أجزائها، بخلاف ما بعد الذبح لأنه أقيمت القربة بها كما في الهدي، ويكره أن يحلب لبنها فينتفع به كما في الصوف.
قال:"والأفضل أن يذبح أضحيته بيده إن كان يحسن الذبح" وإن كان لا يحسنه فالأفضل أن يستعين بغيره، وإذا استعان بغيره ينبغي أن يشهدها بنفسه لقوله عليه الصلاة والسلام لفاطمة رضي الله عنها:"قومي فاشهدي أضحيتك، فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمها كل ذنب".
قال:"ويكره أن يذبحها الكتابي" لأنه عمل هو قربة وهو ليس من أهلها، فلو أمره فذبح جاز لأنه من أهل الذكاة، والقربة أقيمت بإنابته ونيته، بخلاف ما إذا أمر المجوسي لأنه ليس من أهل الذكاة فكان إفسادا.
قال:"وإذا غلط رجلان فذبح كل واحد منهما أضحية الآخر أجزأ عنهما ولا ضمان عليهما" وهذا استحسان، وأصل هذا أن من ذبح أضحية غيره بغير إذنه لا يحل له ذلك وهو ضامن لقيمتها، ولا يجزئه عن الأضحية في القياس وهو قول زفر وفي الاستحسان يجوز ولا ضمان على الذابح، وهو قولنا. وجه القياس أنه ذبح شاة غيره بغير أمره فيضمن، كما إذا ذبح شاة اشتراها القصاب. وجه الاستحسان أنها تعينت للذبح لتعينها للأضحية حتى وجب عليه أن يضحي بها بعينها في أيام النحر. ويكره أن يبدل بها غيرها فصار المال مستعينا بكل من يكون أهلا للذبح آذنا له دلالة لأنها تفوت بمضي هذه الأيام، وعساه يعجز عن إقامتها بعوارض فصار كما إذا ذبح شاة شد القصاب رجلها.
فإن قيل: يفوته أمر مستحب وهو أن يذبحها بنفسه أو يشهد الذبح فلا يرضى به.
قلنا: يحصل له به مستحبان آخران، صيرورته مضحيا لما عينه، وكونه معجلا به فيرتضيه.
ولعلمائنا رحمهم الله من هذا الجنس مسائل استحسانية، وهي أن من طبخ لحم غيره أو طحن حنطته أو رفع جرته فانكسرت أو حمل على دابته فعطبت كل ذلك بغير أمر المالك