النظر إلى وجهها وإن خاف أن يشتهي" للحاجة إلى إحياء حقوق الناس بواسطة القضاء وأداء الشهادة، ولكن ينبغي أن يقصد به أداء الشهادة أو الحكم عليها لا قضاء الشهوة تحرزا عما يمكنه التحرز عنه وهو قصد القبيح. وأما النظر لتحمل الشهادة إذا اشتهى قيل يباح. والأصح أنه لا يباح؛ لأنه يوجد من لا يشتهي فلا ضرورة، بخلاف حالة الأداء.
"ومن أراد أن يتزوج امرأة فلا بأس بأن ينظر إليها وإن علم أنه يشتهيها" لقوله عليه الصلاة والسلام فيه: "أبصرها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" ولأن مقصوده إقامة السنة لا قضاء الشهوة. "ويجوز للطبيب أن ينظر إلى موضع المرض منها" للضرورة "وينبغي أن يعلم امرأة مداواتها" لأن نظر الجنس إلى الجنس أسهل "فإن لم يقدروا يستر كل عضو منها سوى موضع المرض" ثم ينظر ويغض بصره ما استطاع؛ لأن ما ثبت بالضرورة يتقدر بقدرها وصار كنظر الخافضة والختان. "وكذا يجوز للرجل النظر إلى موضع الاحتقان من الرجل" لأنه مداواة ويجوز للمرض وكذا للهزال الفاحش على ما روي عن أبي يوسف؛ لأنه أمارة المرض.
قال: "وينظر الرجل من الرجل إلى جميع بدنه إلا ما بين سرته إلى ركبته" لقوله عليه الصلاة والسلام: "عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته" ويروى: "ما دون سرته حتى يجاوز ركبتيه" وبهذا ثبت أن السرة ليست بعورة خلافا لما يقوله أبو عصمة والشافعي، والركبة عورة خلافا لما قاله الشافعي، والفخذ عورة خلافا لأصحاب الظواهر، وما دون السرة إلى منبت الشعر عورة خلافا لما يقوله الإمام أبو بكر محمد بن الفضل الكماري معتمدا فيه العادة؛ لأنه لا معتبر بها مع النص بخلافه، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: "الركبة من العورة" وأبدى الحسن بن علي رضي الله عنه سرته فقبلها أبو هريرة رضي الله عنه وقال لجرهد: "وار فخذك، أما علمت أن الفخذ عورة؟ " ولأن الركبة ملتقى عظم الفخذ والساق فاجتمع المحرم والمبيح وفي مثله يغلب المحرم، وحكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ، وفي الفخذ أخف منه في السوأة، حتى أن كاشف الركبة ينكر عليه برفق وكاشف الفخذ يعنف عليه وكاشف السوءة يؤدب إن لج "وما يباح النظر إليه للرجل من الرجل يباح المس" لأنهما فيما ليس بعورة سواء.
قال: "ويجوز للمرأة أن تنظر من الرجل إلى ما ينظر الرجل إليه منه إذا أمنت الشهوة" لاستواء الرجل والمرأة في النظر إلى ما ليس بعورة كالثياب والدواب. وفي كتاب الخنثى من الأصل: أن نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي بمنزلة نظر الرجل إلى محارمه؛ لأن النظر إلى