قال:"ولا بأس بأن يمس ما جاز أن ينظر إليه منها" لتحقق الحاجة إلى ذلك في المسافرة وقلة الشهوة للمحرمية، بخلاف وجه الأجنبية وكفيها حيث لا يباح المس وإن أبيح النظر؛ لأن الشهوة متكاملة "إلا إذا كان يخاف عليها أو على نفسه الشهوة" فحينئذ لا ينظر ولا يمس لقوله عليه الصلاة والسلام: "العينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش"، وحرمة الزنا بذوات المحارم أغلظ فيجتنب. "ولا بأس بالخلوة والمسافرة بهن" لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تسافر المرأة فوق ثلاثة أيام ولياليها إلا ومعها زوجها أو ذو رحم محرم منها" وقوله عليه الصلاة والسلام: "ألا لا يخلون رجل بامرأة ليس منها بسبيل فإن ثالثهما الشيطان" والمراد إذا لم يكن محرما، فإن احتاج إلى الإركاب والإنزال فلا بأس بأن يمسها من وراء ثيابها ويأخذ ظهرها وبطنها دون ما تحتهما إذا أمنا الشهوة، فإن خافها على نفسه أو عليها تيقنا أو ظنا أو شكا فليجتنب ذلك بجهده، ثم إن أمكنها الركوب بنفسها يمتنع عن ذلك أصلا، وإن لم يمكنها يتكلف بالثياب كي لا تصيبه حرارة عضوها، وإن لم يجد الثياب يدفع الشهوة عن قلبه بقدر الإمكان.
قال:"وينظر الرجل من مملوكة غيره إلى ما يجوز أن ينظر إليه من ذوات محارمه" لأنها تخرج لحوائج مولاها وتخدم أضيافه وهي في ثياب مهنتها، فصار حالها خارج البيت في حق الأجانب كحال المرأة داخله في حق محارمه الأقارب. وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى جارية متقنعة علاها بالدرة وقال: ألقي عنك الخمار يا دفار أتتشبهين بالحرائر ولا يحل النظر إلى بطنها وظهرها خلافا لما يقوله محمد بن مقاتل أنه يباح إلا إلى ما دون السرة إلى الركبة؛ لأنه لا ضرورة كما في المحارم، بل أولى لقلة الشهوة فيهن وكمالها في الإماء. ولفظة المملوكة تنتظم المدبرة والمكاتبة وأم الولد لتحقق الحاجة، والمستسعاة كالمكاتبة عند أبي حنيفة على ما عرف، وأما الخلوة بها والمسافرة معها فقد قيل يباح كما في المحارم، وقد قيل لا يباح لعدم الضرورة فيهن، وفي الإركاب والإنزال اعتبر محمد في الأصل الضرورة فيهن وفي ذوات المحارم مجرد الحاجة.
قال:"ولا بأس بأن يمس ذلك إذا أراد الشراء، وإن خاف أن يشتهي" كذا ذكره في المختصر، وأطلق أيضا في الجامع الصغير ولم يفصل. قال مشايخنا رحمهم الله: يباح النظر في هذه الحالة وإن اشتهى للضرورة، ولا يباح المس إذا اشتهى أو كان أكبر رأيه ذلك؛ لأنه نوع استمتاع، وفي غير حالة الشراء يباح النظر والمس بشرط عدم الشهوة.
قال:"وإذا حاضت الأمة لم تعرض في إزار واحد" ومعناه بلغت، وهذا موافق لما بينا