والثالث: أن عينها حرام غير معلول بالسكر ولا موقوف عليه: ومن الناس من أنكر حرمة عينها، وقال: إن السكر منها حرام؛ لأن به يحصل الفساد وهو الصد عن ذكر الله، وهذا كفر؛ لأنه جحود الكتاب فإنه تعالى سماه رجسا والرجس ما هو محرم العين، وقد جاءت السنة متواترة "أن النبي عليه الصلاة والسلام حرم الخمر"؛ وعليه انعقد الإجماع، ولأن قليله يدعو إلى كثيره وهذا من خواص الخمر، ولهذا تزداد لشاربه اللذة بالاستكثار منه، بخلاف سائر المطعومات ثم هو غير معلول عندنا حتى لا يتعدى حكمه إلى سائر المسكرات، والشافعي رحمه الله يعديه إليها، وهذا بعيد؛ لأنه خلاف السنة المشهورة وتعليله لتعدية الاسم، والتعليل في الأحكام لا في الأسماء.
والرابع: أنها نجسة نجاسة غليظة كالبول لثبوتها بالدلائل القطعية على ما بينا.
والخامس: أنه يكفر مستحلها لإنكاره الدليل القطعي.
والسادس: لسقوط تقومها في حق المسلم حتى لا يضمن متلفها وغاصبها ولا يجوز بيعها؛ لأن الله تعالى لما نجسها فقد أهانها والتقوم يشعر بعزتها وقال عليه الصلاة والسلام:"إن الذي حرم شربها حرم بيعها وأكل ثمنها" واختلفوا في سقوط ماليتها والأصح أنه مال؛ لأن الطباع تميل إليها وتضن بها ومن كان له على مسلم دين فأوفاه ثمن خمر لا يحل له أن يأخذه، ولا للمديون أن يؤديه؛ لأنه ثمن بيع باطل وهو غصب في يده أو أمانة على حسب ما اختلفوا فيه كما في بيع الميتة ولو كان الدين على ذمي فإنه يؤديه من ثمن الخمر، والمسلم الطالب يستوفيه؛ لأن بيعها فيما بينهم جائز.
والسابع: حرمة الانتفاع بها؛ لأن الانتفاع بالنجس حرام، ولأنه واجب الاجتناب وفي الانتفاع به اقتراب.
والثامن: أن يحد شاربها وإن لم يسكر منها لقوله عليه الصلاة والسلام: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه" إلا أن حكم.
القتل قد انتسخ فبقي الجلد مشروعا، وعليه انعقد إجماع الصحابة رضي الله عنهم، وتقديره ذكرناه في الحدود.