لا بأس به، وإن كان يتخذ النبيذ من مثله لم يحل كما إذا صب في المطبوخ قدح من النقيع والمعنى تغليب جهة الحرمة، ولا حد في شربه؛ لأن التحريم للاحتياط وهو للحد في درئه. ولو طبخ الخمر أو غيره بعد الاشتداد حتى يذهب ثلثاه لم يحل؛ لأن الحرمة قد تقررت فلا ترتفع بالطبخ.
قال:"ولا بأس بالانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والنقير" لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث فيه طول بعد ذكر هذه الأوعية: "فاشربوا في كل ظرف، فإن الظرف لا يحل شيئا ولا يحرمه ولا تشربوا المسكر" وقال ذلك بعد ما أخبر عن النهي عنه فكان ناسخا له، وإنما ينتبذ فيه بعد تطهيره، فإن كان الوعاء عتيقا يغسل ثلاثا فيطهر، وإن كان جديدا لا يطهر عند محمد لتشرب الخمر فيه بخلاف العتيق وعند أبي يوسف يغسل ثلاثا ويجفف في كل مرة وهي مسألة ما لا ينعصر بالعصر، وقيل عن أبي يوسف: يملأ ماء مرة بعد أخرى، حتى إذا خرج الماء صافيا غير متغير يحكم بطهارته.
قال:"وإذا تخللت الخمر حلت سواء صارت خلا بنفسها أو بشيء يطرح فيها، ولا يكره تخليلها" وقال الشافعي: يكره التخليل ولا يحل الخل الحاصل به إن كان التخليل بإلقاء شيء فيه قولا واحدا، وإن كان بغير إلقاء شيء فيه فله في الخل الحاصل به قولان له أن في التخليل اقترابا من الخمر على وجه التمول، والأمر بالاجتناب ينافيه ولنا قوله عليه الصلاة والسلام:"نعم الإدام الخل" من غير فصل، وقوله عليه الصلاة والسلام:"خير خلكم خل خمركم" ولأن بالتخليل يزول الوصف المفسد وتثبت صفة الصلاح من حيث تسكين الصفراء وكسر الشهوة، والتغذي به والإصلاح مباح، وكذا الصالح للمصالح اعتبارا بالمتخلل بنفسه وبالدباغ والاقتراب لإعدام الفساد فأشبه الإراقة، والتخليل أولى لما فيه من إحراز مال يصير حلالا في الثاني فيختاره من ابتلي به، وإذا صار الخمر خلا يطهر ما يوازيها من الإناء، فأما أعلاه وهو الذي نقص منه الخمر قيل يطهر تبعا وقيل لا يطهر؛ لأنه خمر يابس إلا إذا غسل بالخل فيتخلل من ساعته فيطهر، وكذا إذا صب فيه الخمر ثم ملئ خلا يطهر في الحال على ما قالوا.
قال:"ويكره شرب دردي الخمر والامتشاط به"؛ لأن فيه أجزاء الخمر، والانتفاع بالمحرم حرام، ولهذا لا يجوز أن يداوي به جرحا أو دبرة دابة ولا أن يسقي ذميا ولا أن يسقي صبيا للتداوي، والوبال على من سقاه، وكذا لا يسقيها الدواب وقيل: لا تحمل الخمر