أصبعين فالخمس، ولا شيء في الكف" وهذا عند أبي حنيفة، وقالا: ينظر إلى أرش الكف والأصبع فيكون عليه الأكثر، ويدخل القليل في الكثير لأنه لا وجه إلى الجمع بين الأرشين لأن الكل شيء واحد، ولا إلى إهدار أحدهم لأن كل واحد منهما أصل من وجه فرجحنا بالكثرة. وله أن الأصابع أصل والكف تابع حقيقة وشرعا، لأن البطش يقوم بها، وأوجب الشرع في أصبع واحدة عشرا من الإبل، والترجيح من حيث الذات والحكم أولى من الترجيح من حيث مقدار الواجب "ولو كان في الكف ثلاثة أصابع يجب أرش الأصابع ولا شيء في الكف بالإجماع" لأن الأصابع أصول في التقويم، وللأكثر حكم الكل فاستتبعت الكف، كما إذا كانت الأصابع قائمة بأسرها.
قال: "وفي الأصبع الزائدة حكومة عدل" تشريفا للآدمي لأنه جزء من يده، ولكن لا منفعة فيه ولا زينة "وكذلك السن الشاغية" لما قلنا. "وفي عين الصبي وذكره ولسانه إذا لم تعلم صحته حكومة عدل" وقال الشافعي: تجب فيه دية كاملة، لأن الغالب فيه الصحة فأشبه قطع المارن والأذن. ولنا أن المقصود من هذه الأعضاء المنفعة، فإن لم يعلم صحتها لا يجب الأرش الكامل بالشك، والظاهر لا يصلح حجة للإلزام بخلاف المارن والأذن الشاخصة، لأن المقصود هو الجمال وقد فوته على الكمال "وكذا لو استهل الصبي" لأنه ليس بكلام وإنما هو مجرد صوت ومعرفة الصحة فيه بالكلام وفي الذكر بالحركة وفي العين بما يستدل به على النظر فيكون حكمه بعد ذلك حكم البالغ في العمد والخطإ.
قال: "ومن شج رجلا فذهب عقله أو شعر رأسه دخل أرش الموضحة في الدية" لأن بفوات العقل تبطل منفعة جميع الأعضاء فصار كما إذا أوضحه فمات، وأرش الموضحة يجب بفوات جزء من الشعر، حتى لو نبت يسقط، والدية بفوات كل الشعر وقد تعلقا بسبب واحد فدخل الجزء في الجملة كما إذا قطع أصبع رجل فشلت يده. وقال زفر: لا يدخل لأن كل واحد منهما جناية فيما دون النفس فلا يتداخلان كسائر الجنايات. وجوابه ما ذكرناه.
قال: "وإن ذهب سمعه أو بصره أو كلامه فعليه أرش الموضحة مع الدية" قالوا: هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وعن أبي يوسف أن الشجة تدخل في دية السمع والكلام ولا تدخل في دية البصر. وجه الأول أن كلا منهما جناية فيما دون النفس والمنفعة مختصة به فأشبه الأعضاء المختلفة، بخلاف العقل لأن منفعته عائدة إلى جميع الأعضاء على ما بينا. ووجه الثاني أن السمع والكلام مبطن فيعتبر بالعقل، والبصر ظاهر فلا يلحق به.