قال:"وفي الجامع الصغير: ومن شج رجلا موضحة فذهبت عيناه فلا قصاص في ذلك" عند أبي حنيفة. قالوا: وينبغي أن تجب الدية فيهما "وقالا: في الموضحة القصاص" قالوا: وينبغي أن تجب الدية في العينين.
قال:"وإن قطع أصبع رجل من المفصل الأعلى فشل ما بقي من الأصبع أو اليد كلها لا قصاص عليه في شيء من ذلك" وينبغي أن تجب الدية في المفصل الأعلى وفيما بقي حكومة عدل "وكذلك لو كسر سن رجل فاسود ما بقي" ولم يحك خلافا وينبغي أن تجب الدية في السن كله "ولو قال: اقطع المفصل واترك ما يبس أو اكسر القدر المكسور واترك الباقي لم يكن له ذلك" لأن الفعل في نفسه ما وقع موجبا للقود فصار كما لو شجه منقلة فقال: أشجه موضحة أترك الزيادة. لهما في الخلافية أن الفعل في محلين فيكون جنايتين مبتدأتين فالشبهة في إحداهما لا تتعدى إلى الأخرى، كمن رمى إلى رجل عمدا فأصابه ونفذ منه إلى غيره فقتله يجب القود في الأول والدية في الثاني. وله أن الجراحة الأولى سارية والجزاء بالمثل، وليس في وسعه الساري فيجب المال، ولأن الفعل واحد حقيقة وهو الحركة القائمة، وكذا المحل متحد من وجه لاتصال أحدهما بالآخر فأورثت نهايته شبهة الخطأ في البداية، بخلاف النفسين لأن أحدهما ليس من سراية صاحبه، وبخلاف ما إذا وقع السكين على الأصبع لأنه ليس فعلا مقصودا.
قال:"وإن قطع أصبعا فشلت إلى جنبها أخرى فلا قصاص في شيء من ذلك" عند أبي حنيفة. وقالا هما وزفر والحسن: يقتص من الأولى وفي الثانية أرشها. والوجه من الجانبين قد ذكرناه. وروى ابن سماعة عن محمد في المسألة الأولى وهو ما إذا شج موضحة فذهب بصره أنه يجب القصاص فيهما لأن الحاصل بالسراية مباشرة كما في النفس والبصر يجري فيه القصاص، بخلاف الخلافية الأخيرة لأن الشلل لا قصاص فيه، فصار الأصل عند محمد على هذه الرواية أن سراية ما يجب فيه القصاص إلى ما يمكن فيه القصاص يوجب الاقتصاص كما لو آلت إلى النفس وقد وقع الأول ظلما. ووجه المشهور أن ذهاب البصر بطريق التسبيب؛ ألا يرى أن الشجة بقيت موجبة في نفسها ولا قود في التسبيب، بخلاف السراية إلى النفس لأنه لا تبقى الأولى فانقلبت الثانية مباشرة.
قال:"ولو كسر بعض السن فسقطت فلا قصاص" إلا على رواية ابن سماعة "ولو أوضحه موضحتين فتآكلتا فهو على الروايتين هاتين".