قال:"ولو قلع سن رجل فنبتت مكانها أخرى سقط الأرش في قول أبي حنيفة، وقال: عليه الأرش كاملا" لأن الجناية قد تحققت والحادث نعمة مبتدأة من الله تعالى. وله أن الجناية انعدمت معنى فصار كما إذا قلع سن صبي فنبتت لا يجب الأرش بالإجماع لأنه لم يفت عليه منفعة ولا زينة "وعن أبي يوسف أنه تجب حكومة عدل" لمكان الألم الحاصل "ولو قلع سن غيره فردها صاحبها في مكانها ونبت عليه اللحم فعلى القالع الأرش بكماله" لأن هذا مما لا يعتد به إذ العروق لا تعود "وكذا إذا قطع أذنه فألصقها فالتحمت" لأنها لا تعود إلى ما كانت عليه. "ومن نزع سن رجل فانتزع المنزوعة سنه سن النازع فنبتت سن الأول فعلى الأول لصاحبه خمسمائة درهم" لأنه تبين أنه استوفى بغير حق لأن الموجب فساد المنبت ولم يفسد حيث نبت مكانها أخرى فانعدمت الجناية، ولهذا يستأنى حولا بالإجماع، وكان ينبغي أن ينتظر اليأس في ذلك للقصاص، إلا أن في اعتبار ذلك تضييع الحقوق فاكتفينا بالحول لأنه تنبت فيه ظاهرا، فإذا مضى الحول ولم تنبت قضينا بالقصاص، وإذا نبتت تبين أنا أخطأنا فيه والاستيفاء كان بغير حق، إلا أنه لا يجب القصاص للشبهة فيجب المال.
قال:"ولو ضرب إنسان سن إنسان فتحركت يستأنى حولا" ليظهر أثر فعله "فلو أجله القاضي سنة ثم جاء المضروب وقد سقطت سنه فاختلفا قبل السنة فيما سقط بضربه فالقول للمضروب" ليكون التأجيل مفيدا، وهذا بخلاف ما إذا شجه موضحة فجاء وقد صارت منقلة فاختلفا حيث يكون القول قول الضارب لأن الموضحة لا تورث المنقلة، أما التحريك فيؤثر في السقوط فافترقا "وإن اختلفا في ذلك بعد السنة فالقول للضارب" لأنه ينكر أثر فعله وقد مضى الأجل الذي وقته القاضي لظهور الأثر فكان القول للمنكر "ولو لم تسقط لا شيء على الضارب" وعن أبي يوسف أنه تجب حكومة الألم، وسنبين الوجهين بعد هذا إن شاء الله تعالى "ولو لم تسقط ولكنها اسودت يجب الأرش في الخطإ على العاقلة وفي العمد في ماله، ولا يجب القصاص" لأنه لا يمكنه أن يضربه ضربا تسود منه "وكذا إذا كسر بعضه واسود الباقي" لا قصاص لما ذكرنا "وكذا لو احمر أو اخضر" ولو اصفر فيه روايتان.
قال:"ومن شج رجلا فالتحمت ولم يبق لها أثر ونبت الشعر سقط الأرش" عند أبي حنيفة لزوال الشين الموجب. وقال أبو يوسف: يجب عليه أرش الألم وهو حكومة عدل، لأن الشين إن زال فالألم الحاصل ما زال فيجب تقويمه. وقال محمد: عليه أجرة الطبيب، لأنه إنما لزمه الطبيب وثمن الدواء بفعله فصار كأنه أخذ ذلك من