الأذى عن الطريق، حتى لو جمع الكناسة في الطريق وتعقل بها إنسان كان ضامنا لتعديه بشغله.
"ولو وضع حجرا فنحاه غيره عن موضعه فعطب به إنسان فالضمان على الذي نحاه" لأن حكم فعله قد انتسخ لفراغ ما شغله، وإنما اشتغل بالفعل الثاني موضع آخر.
"وفي الجامع الصغير في البالوعة يحفرها الرجل في الطريق، فإن أمره السلطان بذلك أو أجبره عليه لم يضمن" لأنه غير متعد حيث فعل ما فعل بأمر من له الولاية في حقوق العامة "وإن كان بغير أمره فهو متعد" إما بالتصرف في حق غيره أو بالافتيات على رأي الإمام أو هو مباح مقيد بشرط السلامة، وكذا الجواب على هذا التفصيل في جميع ما فعل في طريق العامة مما ذكرناه وغيره لأن المعنى لا يختلف "وكذا إن حفره في ملكه لا يضمن" لأنه غير متعد "وكذا إذا حفره في فناء داره" لأن له ذلك لمصلحة داره والفناء في تصرفه. وقيل هذا إذا كان الفناء مملوكا له أو كان له حق الحفر فيه لأنه غير متعد، أما إذا كان لجماعة المسلمين أو مشتركا بأن كان في سكة غير نافذة فإنه يضمنه لأنه مسبب متعد وهذا صحيح.
"ولو حفر في الطريق ومات الواقع فيه جوعا أو غما لا ضمان على الحافر" عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه مات لمعنى في نفسه فلا يضاف إلى الحفر، والضمان إنما يجب إذا مات من الوقوع. وقال أبو يوسف رحمه الله: إن مات جوعا فكذلك، وإن مات غما فالحافر ضامن له لأنه لا سبب للغم سوى الوقوع، أما الجوع فلا يختص بالبئر. وقال محمد: هو ضامن في الوجوه كلها، لأنه إنما حدث بسبب الوقوع، إذ لولاه لكان الطعام قريبا منه.
قال:"وإن استأجر أجراء فحفروها له في غير فنائه فذلك على المستأجر ولا شيء على الأجراء إن لم يعلموا أنها في غير فنائه" لأن الإجارة صحت ظاهرا إذا لم يعلموا فنقل فعلهم إليه لأنهم كانوا مغرورين، فصار كما إذا أمر آخر بذبح هذه الشاة فذبحها ثم ظهر أن الشاة لغيره، إلا أن هناك يضمن المأمور ويرجع على الآمر لأن الذابح مباشر والآمر مسبب والترجيح للمباشرة فيضمن المأمور ويرجع المغرور، وهنا يجب الضمان على المستأجر ابتداء لأن كل واحد منهما مسبب والأجير غير متعد والمستأجر متعد فيرجح جانبه "وإن علموا ذلك فالضمان على الأجراء" لأنه لم يصح أمره بما ليس بمملوك له ولا غرور فبقي الفعل مضافا إليهم "وإن قال لهم: هذا فنائي وليس لي فيه حق الحفر فحفروا ومات فيه إنسان فالضمان على الأجراء قياسا" لأنهم علموا بفساد الأمر فما غرهم "وفي الاستحسان الضمان