للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المستأجر" لأن كونه فناء له بمنزلة كونه مملوكا له لانطلاق يده في التصرف فيه من إلقاء الطين والحطب وربط الدابة والركوب وبناء الدكان فكان الأمر بالحفر في ملكه ظاهرا بالنظر إلى ما ذكرنا فكفى ذلك لنقل الفعل إليه.

قال: "ومن جعل قنطرة بغير إذن الإمام فتعمد رجل المرور عليها فعطب فلا ضمان على الذي عمل القنطرة، وكذلك إذا وضع خشبة في الطريق فتعمد رجل المرور عليها" لأن الأول تعد هو تسبيب، والثاني تعد هو مباشرة فكانت الإضافة إلى المباشر أولى، ولأن تخلل فعل فاعل مختار يقطع النسبة كما في الحافر مع الملقي.

قال: "ومن حمل شيئا في الطريق فسقط على إنسان فعطب به إنسان فهو ضامن، وكذا إذا سقط فتعثر به إنسان وإن كان رداء قد لبسه فسقط عنه فعطب به إنسان لم يضمن" وهذا اللفظ يشمل الوجهين، والفرق أن حامل الشيء قاصد حفظه فلا حرج في التقييد بوصف السلامة، واللابس لا يقصد حفظ ما يلبسه فيخرج بالتقييد بما ذكرنا فجعلناه مباحا مطلقا. وعن محمد أنه إذا لبس ما لا يلبسه عادة فهو كالحامل لأن الحاجة لا تدعو إلى لبسه.

قال: "وإذا كان المسجد للعشيرة فعلق رجل منهم فيه قنديلا أو جعل فيه بواري أو حصاة فعطب به رجل لم يضمن، وإن كان الذي فعل ذلك من غير العشيرة ضمن" قالوا: هذا عند أبي حنيفة، وقالا: لا يضمن في الوجهين جميعا، لأن هذه من القرب وكل أحد مأذون في إقامتها فلا يتقيد بشرط السلامة، كما إذا فعله بإذن واحد من أهل المسجد. ولأبي حنيفة وهو الفرق أن التدبير فيما يتعلق بالمسجد لأهله دون غيرهم كنصب الإمام واختيار المتولي وفتح بابه وإغلاقه وتكرار الجماعة إذا سبقهم بها غير أهله فكان فعلهم مباحا مطلقا غير مقيد بشرط السلامة وفعل غيرهم تعديا أو مباحا مقيدا بشرط السلامة، وقصد القربة لا ينافي الغرامة إذا أخطأ الطريق كما إذا تفرد بالشهادة على الزنا والطريق فيما نحن فيه الاستئذان من أهله.

قال: "وإن جلس فيه رجل منهم فعطب به رجل لم يضمن إن كان في الصلاة، وإن كان في غير الصلاة ضمن" وهذا عند أبي حنيفة، وقالا: لا يضمن على كل حال. ولو كان جالسا لقراءة القرآن أو للتعليم أو للصلاة أو نام فيه في أثناء الصلاة أو في غير الصلاة أو مر فيه مارا أو قعد فيه لحديث فهو على هذا الاختلاف.

وأما المعتكف فقد قيل على هذا الاختلاف، وقيل لا يضمن بالاتفاق. لهما أن

<<  <  ج: ص:  >  >>