يمنة أو يسرة انقطع حكم الإرسال إلا إذا لم يكن له طريق آخر سواه وكذا إذا وقفت ثم سارت بخلاف ما إذا وقفت بعد الإرسال في الاصطياد ثم سارت فأخذت الصيد، لأن تلك الوقفة تحقق مقصود المرسل لأنه لتمكنه من الصيد، وهذه تنافي مقصود المرسل وهو السير فينقطع حكم الإرسال، وبخلاف ما إذا أرسله إلى صيد فأصاب نفسا أو مالا في فوره لا يضمنه من أرسله، وفي الإرسال في الطريق يضمنه لأن شغل الطريق تعد فيضمن ما تولد منه، أما الإرسال للاصطياد فمباح ولا تسبيب إلا بوصف التعدي.
قال:"ولو أرسل بهيمة فأفسدت زرعا على فوره ضمن المرسل، وإن مالت يمينا أو شمالا" وله طريق آخر لا يضمن لما مر، ولو انفلتت الدابة فأصابت مالا أو آدميا ليلا أو نهارا "لا ضمان على صاحبها" لقوله عليه الصلاة والسلام: "جرح العجماء جبار" وقال محمد رحمه الله: هي المنفلتة، ولأن الفعل غير مضاف إليه لعدم ما يوجب النسبة إليه من الإرسال وأخواته.
قال:"شاة لقصاب فقئت عينها ففيها ما نقصها" لأن المقصود منها هو اللحم فلا يعتبر إلا النقصان "وفي عين بقرة الجزار وجزوره ربع القيمة، وكذا في عين الحمار والبغل والفرس" وقال الشافعي: فيه النقصان أيضا اعتبارا بالشاة. ولنا ما روي "أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى في عين الدابة بربع القيمة" وهكذا قضى عمر رضي الله عنه، ولأن فيها مقاصد سوى اللحم كالحمل والركوب والزينة والجمال والعمل، فمن هذا الوجه تشبه الآدمي وقد تمسك للأكل، فمن هذا الوجه تشبه المأكولات فعملنا بالشبهين بشبه الآدمي في إيجاب الربع وبالشبه الآخر في نفي النصف، ولأنه إنما يمكن إقامة العمل بها بأربعة أعين عيناها وعينا المستعمل فكأنها ذات أعين أربعة فيجب الربع بفوات إحداها.
قال:"ومن سار على دابة في الطريق فضربها رجل أو نخسها فنفحت رجلا أو ضربته بيدها أو نفرت فصدمته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب" هو المروي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، ولأن الراكب والمركب مدفوعان بدفع الناخس فأضيف فعل الدابة إليه كأنه فعله بيده، ولأن الناخس متعد في تسبيبه والراكب في فعله غير متعد فيترجح جانبه في التغريم للتعدي، حتى لو كان واقفا دابته على الطريق يكون الضمان على الراكب والناخس نصفين لأنه متعد في الإيقاف أيضا.
قال:"وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا" لأنه بمنزلة الجاني على نفسه "وإن ألقت الراكب فقتلته كان ديته على عاقلة الناخس" لأنه متعد في تسبيبه وفيه الدية على العاقلة.