للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "ولو وثبت بنخسه على رجل أو وطئته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب" لما بيناه، والواقف في ملكه والذي يسير في ذلك سواء. وعن أبي يوسف أنه يجب الضمان على الناخس والراكب نصفين، لأن التلف حصل بثقل الراكب ووطء الدابة، والثاني مضاف إلى الناخس فيجب الضمان عليهما، وإن نخسها بإذن الراكب كان ذلك بمنزلة فعل الراكب لو نخسها، ولا ضمان عليه في نفحتها لأنه أمره بما يملكه، إذ النخس في معنى السوق فصح أمره به، وانتقل إليه لمعنى الأمر.

قال: "ولو وطئت رجلا في سيرها وقد نخسها الناخس بإذن الراكب فالدية عليهما نصفين جميعا إذا كانت في فورها الذي نخسها" لأن سيرها في تلك الحالة مضاف إليهما، والإذن يتناول فعله من حيث السوق ولا يتناوله من حيث إنه إتلاف، فمن هذا الوجه يقتصر عليه، والركوب وإن كان علة للوطء فالنخس ليس بشرط لهذه العلة بل هو شرط أو علة للسير والسير علة للوطء وبهذا لا يترجح صاحب العلة، كمن جرح إنسانا فوقع في بئر حفرها غيره على قارعة الطريق ومات فالدية عليهما لما أن الحفر شرط علة أخرى دون علة الجرح كذا هذا. ثم قيل: يرجع الناخس على الراكب بما ضمن في الإيطاء لأنه فعله بأمره. وقيل: لا يرجع وهو الأصح فيما أراه، لأنه لم يأمره بالإيطاء والنخس ينفصل عنه، وصار كما إذا أمر صبيا يستمسك على الدابة بتسييرها فوطئت إنسانا ومات حتى ضمن عاقلة الصبي فإنهم لا يرجعون على الآمر لأنه أمره بالتسيير والإيطاء ينفصل عنه، وكذا إذا ناوله سلاحا فقتل به آخر حتى ضمن لا يرجع على الآمر، ثم الناخس إنما يضمن إذا كان الإيطاء في فور النخس حتى يكون السوق مضافا إليه، وإذا لم يكن في فور ذلك فالضمان على الراكب لانقطاع أثر النخس فبقي السوق مضافا إلى الراكب على الكمال. "ومن قاد دابة فنخسها رجل فانفلتت من يد القائد فأصابت في فورها فهو على الناخس وكذا إذا كان لها سائق فنخسها غيره" لأنه مضاف إليه، والناخس إذا كان عبدا فالضمان في رقبته، وإن كان صبيا ففي ماله لأنهما مؤاخذان بأفعالهما "ولو نخسها شيء منصوب في الطريق فنفحت إنسانا فقتلته فالضمان على من نصب ذلك الشيء" لأنه متعد بشغل الطريق فأضيف إليه كأنه نخسها بفعله، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>