للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن خيار تعيين الخمسين إلى الولي لأن اليمين حقه، والظاهر أنه يختار من يتهمه بالقتل أو يختار صالحي أهل المحلة لما أن تحرزهم عن اليمين الكاذبة أبلغ التحرز فيظهر القاتل، وفائدة اليمين النكول، فإن كانوا لا يباشرون ويعلمون يفيد يمين الصالح على العلم بأبلغ مما يفيد يمين الطالح، ولو اختاروا أعمى أو محدودا في قذف جاز لأنه يمين وليس بشهادة.

قال: "وإذا حلفوا قضى على أهل المحلة بالدية ولا يستحلف الولي" وقال الشافعي لا تجب الدية لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن سهل رضي الله عنه: "تبرئكم اليهود بأيمانها" ولأن اليمين عهد في الشرع مبرئا للمدعى عليه لا ملزما كما في سائر الدعاوى. ولنا أن النبي عليه الصلاة والسلام جمع بين الدية والقسامة في حديث ابن سهل وفي حديث زياد بن أبي مريم، وكذا جمع عمر رضي الله عنه بينهما على وادعة. وقوله عليه الصلاة والسلام: "تبرئكم اليهود" محمول على الإبراء عن القصاص والحبس، وكذا اليمين مبرئة عما وجب له اليمين والقسامة ما شرعت لتجب الدية إذا نكلوا، بل شرعت ليظهر القصاص بتحرزهم عن اليمين الكاذبة فيقروا بالقتل، فإذا حلفوا حصلت البراءة عن القصاص. ثم الدية تجب بالقتل الموجود منهم ظاهرا لوجود القتيل بين أظهرهم لا بنكولهم، أو وجبت بتقصيرهم في المحافظة كما في القتل الخطإ "ومن أبى منهم اليمين حبس حتى يحلف" لأن اليمين فيه مستحقة لذاتها تعظيما لأمر الدم ولهذا يجمع بينه وبين الدية، بخلاف النكول في الأموال لأن اليمين بدل عن أصل حقه ولهذا يسقط ببذل المدعي وفيما نحن فيه لا يسقط ببذل الدية، هذا الذي ذكرنا إذا ادعى الولي القتل على جميع أهل المحلة، وكذا إذا ادعى على البعض لا بأعيانهم والدعوى في العمد أو الخطإ لأنهم لا يتميزون عن الباقي، ولو ادعى على البعض بأعيانهم أنه قتل وليه عمدا أو خطأ فكذلك الجواب، يدل عليه إطلاق الجواب في الكتاب، وهكذا الجواب في المبسوط. وعن أبي يوسف في غير رواية الأصل أن في القياس تسقط القسامة والدية عن الباقين من أهل المحلة، ويقال للولي ألك بينة؟ فإن قال لا يستحلف المدعى عليه يمينا واحدة. ووجهه أن القياس يأباه لاحتمال وجود القتل من غيرهم، وإنما عرف بالنص فيما إذا كان في مكان ينسب إلى المدعى عليهم والمدعي يدعي القتل عليهم، وفيما وراءه بقي على أصل القياس وصار كما إذا ادعى القتل على واحد من غيرهم. وفي الاستحسان تجب القسامة والدية على أهل المحلة لأنه لا فصل في إطلاق النصوص بين دعوى ودعوى فنوجبه بالنص لا بالقياس، بخلاف ما إذا ادعى على واحد من غيرهم لأنه ليس فيه نص، فلو أوجبناهما لأوجبناهما بالقياس وهو ممتنع، ثم حكم ذلك أن يثبت ما ادعاه إذا كان له بينة، وإن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>