للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرب في النصرة "ومن كان منزله بالبصرة وديوانه بالكوفة عقل عنه أهل الكوفة" لأنه يستنصر بأهل ديوانه لا بجيرانه.

والحاصل: أن الاستنصار بالديوان أظهر فلا يظهر معه حكم النصرة بالقرابة والنسب والولاء وقرب السكنى وغيره وبعد الديوان النصرة بالنسب على ما بيناه، وعلى هذا يخرج كثير من صور مسائل المعاقل "ومن جنى جناية من أهل المصر وليس له في الديوان عطاء وأهل البادية أقرب إليه ومسكنه المصر عقل عنه أهل الديوان من ذلك المصر" ولم يشترط أن يكون بينه وبين أهل الديوان قرابة، قيل هو صحيح لأن الذين يذبون عن أهل المصر ويقومون بنصرتهم ويدفعون عنهم أهل الديوان من أهل المصر ولا يخصون به أهل العطاء. وقيل تأويله إذا كان قريبا لهم، وفي الكتاب إشارة إليه حيث قال: وأهل البادية أقرب إليه من أهل مصر، وهذا لأن الوجوب عليهم بحكم القرابة وأهل المصر أقرب منهم مكانا فكانت القدرة على النصرة لهم وصار نظير مسألة الغيبة المنقطعة "ولو كان البدوي نازلا في المصر لا مسكن له فيه لا يعقله أهل المصر" لأن أهل العطاء لا ينصرون من لا مسكن له فيه، كما أن أهل البادية لا تعقل عن أهل المصر النازل فيهم لأنه لا يستنصر بهم "وإن كان لأهل الذمة عواقل معروفة يتعاقلون بها فقتل أحدهم قتيلا فديته على عاقلته بمنزلة المسلم" لأنهم التزموا أحكام الإسلام في المعاملات لا سيما في المعاني العاصمة عن الإصرار، ومعنى التناصر موجود في حقهم "وإن لم تكن لهم عاقلة معروفة فالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى بها عليه" كما في حق المسلم لما بينا أن الوجوب على القاتل وإنما يتحول عنه إلى العاقلة أن لو وجدت، فإذا لم توجد بقيت عليه بمنزلة تاجرين مسلمين في دار الحرب قتل أحدهما صاحبه يقضى بالدية عليه في ماله لأن أهل دار الإسلام لا يعقلون عنه، وتمكنه من هذا القتل ليس بنصرتهم. "ولا يعقل كافر عن مسلم ولا مسلم عن كافر" لعدم التناصر والكفار يتعاقلون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم لأن الكفر كله ملة واحدة. قالوا: هذا إذا لم تكن المعاداة فيما بينهم ظاهرة، أما إذا كانت ظاهرة كاليهود والنصارى ينبغي أن لا يتعاقلون بعضهم عن بعض، وهكذا عن أبي يوسف لانقطاع التناصر. ولو كان القاتل من أهل الكوفة وله بها عطاء فحول ديوانه إلى البصرة ثم رفع إلى القاضي فإنه يقضى بالدية على عاقلته من أهل البصرة.

وقال زفر رحمه الله تعالى: يقضى على عاقلته من أهل الكوفة وهو رواية عن أبي يوسف، لأن الموجب هو الجناية وقد تحقق وعاقلته أهل الكوفة، وصار كما إذا حول بعد القضاء. ولنا أن المال إنما يجب عند القضاء لما ذكرنا أن الواجب هو المثل

<<  <  ج: ص:  >  >>