للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ولا معتبر بإجازتهم في حال حياته" لأنها قبل ثبوت الحق إذ الحق يثبت عند الموت فكان لهم أن يردوه بعد وفاته، بخلاف ما بعد الموت لأنه بعد ثبوت الحق فليس لهم أن يرجعوا عنه، لأن الساقط متلاش. غاية الأمر أنه يستند عند الإجازة، لكن الاستناد يظهر في حق القائم وهذا قد مضى وتلاشى، ولأن الحقيقة تثبت عند الموت وقبله يثبت مجرد الحق، فلو استند من كل وجه ينقلب حقيقة قبله، والرضا ببطلان الحق لا يكون رضا ببطلان الحقيقة وكذا إن كانت الوصية للوارث وأجازه البقية فحكمه ما ذكرناه. "وكل ما جاز بإجازة الوارث يتملكه المجاز له من قبل الموصي" عندنا، وعند الشافعي من قبل الوارث، والصحيح قولنا لأن السبب صدر من الموصي، والإجازة رفع المانع وليس من شرطه القبض فصار كالمرتهن إذا أجاز بيع الراهن.

قال: "ولا يجوز للقاتل عامدا كان أو خاطئا بعد أن كان مباشرا" لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا وصية للقاتل" ولأنه استعجل ما أخره الله تعالى فيحرم الوصية كما يحرم الميراث. وقال الشافعي: تجوز للقاتل وعلى هذا الخلاف إذا أوصى لرجل ثم إنه قتل الموصي تبطل الوصية عندنا، وعنده لا تبطل، والحجة عليه في الفصلين ما بيناه "ولو أجازتها الورثة جاز عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: لا تجوز" لأن جنايته باقية والامتناع لأجلها. ولهما أن الامتناع لحق الورثة لأن نفع بطلانها يعود إليهم كنفع بطلان الميراث، ولأنهم لا يرضونها للقاتل كما لا يرضونها لأحدهم.

قال: "ولا تجوز لوارثه" لقوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله تعالى أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث" ولأنه يتأذى البعض بإيثار البعض ففي تجويزه قطيعة الرحم ولأنه حيف بالحديث الذي رويناه، ويعتبر كونه وارثا أو غير وارث وقت الموت لا وقت الوصية لأنه تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، وحكمه يثبت بعد الموت. "والهبة من المريض للوارث في هذا نظير الوصية" لأنها وصية حكما حتى تنفذ من الثلث، وإقرار المريض للوارث على عكسه لأنه تصرف في الحال فيعتبر ذلك وقت الإقرار.

قال: "إلا أن تجيزها الورثة" ويروى هذا الاستثناء فيما رويناه، ولأن الامتناع لحقهم فتجوز بإجازتهم؛ ولو أجاز بعض ورد بعض تجوز على المجيز بقدر حصته لولايته عليه وبطل في حق الراد.

قال: "ويجوز أن يوصي المسلم للكافر والكافر للمسلم" فالأولى لقوله تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة:٨] الآية. والثاني لأنهم بعقد

<<  <  ج: ص:  >  >>